طوال سنوات الحرب الإرهابية، لم تترك الدول الداعمة للإرهاب وسيلة إجرامية إلا واستخدمتها كسلاح ضغط وابتزاز بهدف إخضاع الدولة السورية لمشيئتها، وانتزاع مكاسب سياسية تخدم المشروع الصهيو-أميركي، نلاحظ ذلك من خلال الدعم المتواصل للإرهاب، واحتلال أجزاء من الأرض، وفرض حصار جائر يتجاوز كل المعايير الأخلاقية والإنسانية وقوانين الشرعية الدولية، وأيضاً استخدام منابر الأمم المتحدة، والمنظمات والهيئات الأممية كمنصات عدوان، واليوم تأخذ قضية اللاجئين والمتاجرة الرخيصة بأوضاعهم الإنسانية، الحيز الأكبر ضمن إستراتيجية العدوان على سورية، بعدما اصطدمت مخططات أقطاب منظومة الإرهاب بحائط الصمود السوري الذي أفشلها الواحدة تلو الأخرى، والعراقيل التي تزرعها الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيين لمنع عودة المهجرين هي أحد أوجه الإرهاب الذي تمارسه بحق الدولة السورية وشعبها، والهدف الرئيسي لتلك العراقيل لا يخرج عن سياق التصويب المبكر على الانتخابات الرئاسية القادمة، للتشويش عليها، أو محاولة تعطيلها لمنع السوريين من إنجاز استحقاقهم الدستوري المقبل، وهذا من المحال في طبيعة الأحوال، وسبق لمنظومة العدوان وأن عجزت بمرات سابقة عن ثني السوريين عن ثوابتهم ومبادئهم الوطنية التي لا تتزحزح قيد أنملة مهما تعاظمت الضغوط والتحديات.
تصعيد الحرب بأوجهها وأشكالها المتعددة لم تتوقف طيلة السنوات الماضية، وشركاء العدوان يزجون بكل وسائل إرهابهم في آن واحد، لمنع الوصول إلى أي حل سياسي ينهي معاناة السوريين، هم يلهثون للحفاظ على ما تبقى من جيوب إرهابية وحمايتها، كمحاولة عبثية لتعويم إرهابييهم تحت مسمى (المعارضة المعتدلة)، ونظاما الإرهاب الأميركي والتركي يريدان تكريس وجودهما الاحتلالي، ويعمدان إلى جانب الدول الأوروبية لمنع عودة المهجرين لمواصلة الاستثمار بمعاناتهم الإنسانية من جهة، ولمنع الدولة السورية من الاستفادة منهم في مرحلة إعادة الإعمار من جهة ثانية، ولاسيما أن معظمهم من ذوي الخبرات والكفاءات العلمية، والأغلبية الساحقة منهم يرغبون أكثر من أي وقت مضى في العودة إلى وطنهم بعد دحر الإرهاب عن معظم المناطق والأراضي السورية، وهم يرفضون أن يكونوا ورقة ابتزاز سياسي بيد الأنظمة الداعمة للإرهاب ضد وطنهم.
الدولة السورية تضع مسألة عودة اللاجئين في سلم أولوياتها، فرغم كل التحديات وفرت كل ما يلزم لتسهيل عودة المهجرين، بذلت ولم تزل الجهود الحثيثة لترميم البنى التحتية، وإعادة إعمار ما دمره الإرهاب، وتقدم الخدمات والمساعدات للمواطنين في كافة المناطق السورية، والمؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين الذي عقد مؤخرا كان رسالة واضحة للمهجرين للعودة إلى وطنهم، إلا أن الدول الراعية للإرهاب لا تزال مصرة على استغلالهم، وتحويل قضيتهم الإنسانية إلى ورقة سياسية للمساومة، هي تمنعهم من العودة، سواء عن طريق الإغراء، أو عن طريق الترهيب وتمعن بإرهابها الاقتصادي عبر فرض المزيد من العقوبات الجائرة لتشديد الخناق على السوريين ومحاصرتهم حتى بلقمة عيشهم وحبة دوائهم وقطرة مياههم.
الحقائق والوقائع على الأرض تثبت أن منظومة العدوان فشلت بتحقيق أجنداتها السياسية من خلال العدوان المباشر ودعم الإرهاب، ولم يبق أمامها سوى المراهنة على سكين العقوبات، والاستمرار في المتاجرة بمعاناة اللاجئين، التي لم تتوقف عند حد منعهم من العودة، وإنما تعدتها إلى ممارسة أقصى الضغوط بحقهم من خلال التحريض على ترهيبهم والاعتداء عليهم في مخيمات اللجوء على أراضي الدول التي فروا إليها هرباً من جرائم التنظيمات الإرهابية، حيث تتكرر مثل تلك الاعتداءات بأوجه وصور مختلفة، لتعكس حجم المعاناة التي تواجههم خارج وطنهم، وما يمارسه النظام التركي والحكومات الغربية في هذا الاتجاه، يعطي الدليل الواضح على استغلالهم لتلك المعاناة بهدف المتاجرة بها في بازارات المساومة السياسية.
نبض الحدث- ناصر منذر