الثورة أون لاين- ناصر منذر:
يطوي هذا العام صفحته الأخيرة، بعدما سجلت ذاكرته الكثير من الأحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية، وكان لها تداعياتها الواضحة على مستقبل وحياة الكثير من الشعوب، والعالم ينظر اليوم إلى ما سيحمله العام القادم من تطورات ومتغيرات، قد تنعكس إيجاباً أو سلباً على الدول وأمنها واستقرارها، لاسيما وأن الوضع العالمي يشهد المزيد من الفوضى بفعل السياسات الأميركية والغربية التي يسعى القائمون عليها لتكريس نهج الهيمنة والتسلط، والتحكم بمصائر الشعوب.
ولا شك بأن سورية كتبت بصمودها صفحة مشرقة جديدة، راكمت انتصاراتها، وأفشلت المزيد من مخططات الأعداء، وكشفت المزيد من عوراتهم الأخلاقية والسياسية، ورغم ما يتكبده السوريون من معاناة نتيجة الحرب الإرهابية المستمرة، وتصاعد حدة الضغوط العسكرية والسياسية والاقتصادية والنفسية، إلا أنهم مازالوا يبرهنون للعالم بأنهم أهل للمواجهة والتحدي، وأكثر تصميما على تعزيز انتصاراتهم من خلال العمل الدؤوب في ميادين البناء والإعمار، رغم كل الصعوبات والعراقيل التي يزرعها رعاة الإرهاب من خلال تشديد الحصار ورفع منسوب العقوبات الجائرة، فيثبتون يوماً بعد يوم قدرتهم على تخطي الصعاب، بصبرهم وإيمانهم المطلق بقدسية وطنهم، وبأن صمودهم الأسطوري يرسم اليوم ملامح مستقبل جديد أكثر إشراقاً، ليس لسورية وحسب، وإنما للمنطقة والعالم.
وبنظرة سريعة لحصيلة عام 2020 نجد أن الوضع العالمي يترنح على صفيح ساخن من الأزمات العاصفة بسبب ارتدادات سياسة البلطجة الأميركية، حيث وصلت إلى أعلى درجات الإرهاب والوحشية بعهد إدارة ترامب، التي فاقمت من حدة الأزمات الدولية، وساهمت في توسيع دائرة الحروب وبؤر التوتر في العديد من المناطق، وحاربت كل الجهود الدولية الجماعية الرامية لإيجاد الحلول للكثير من المشكلات السياسية والاقتصادية التي مازالت آثارها تنذر بمزيد من الكوارث.
وبفعل السياسات الأميركية لم تستطع القوى الكبرى أن تفعل شيئاً حتى الآن لمواجهة جائحة كورونا التي تهدد البشرية في سلامتها، وعجزت عن معالجة الأزمة المالية العالمية التي ولدتها الجائحة، والتي باتت تهدد اقتصادات كثير من الدول النامية، حتى أن واشنطن اتخذت من هذا الوباء سلاحاً تحارب به الشعوب المناهضة لسياساتها، فمنعت عنها الدواء والغذاء، وفرضت بحقها عقوبات جائرة تستند لقانون شريعة الغاب، كذلك فإن الدول الغربية ساهمت أيضاً بفعل نهج العربدة الذي يحكم سلوكها وتصرفاتها بزيادة حدة الفقر في العالم، فارتفع عدد الجياع بسبب هيمنتها على ثروات ومقدرات الشعوب.
لكن الأبرز ما يحدث في منطقتنا بالتحديد، حيث الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على العديد من دول المنطقة، وعلى رأسها سورية التي لم تزل تواجه عربدته وغطرسته، وتقف بثبات بوجه مشاريعه التوسعية، وأسقطت مع محور المقاومة “صفقة القرن” الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، رغم هرولة الأعراب نحو الحضن الصهيوني عبر خطوات التطبيع المجاني التي شاهدنا فصولها مؤخراً، وثمة من ينتظر منهم على لائحة التوقيت الأميركي، حيث الولايات المتحدة لا تنفك تلهث منذ عقود لوضع دول المنطقة ضمن محمياتها الاستعمارية، وتحت أمرة حارسها الصهيوني، وقد نجحت في جر العديد من الأنظمة في الخليج وغيره، ليس بقوة مكرها وجبروتها، وإنما بضعف نفوسهم وإرادتهم، ولكنها فشلت مع أصحاب الإرادة والسيادة الممثلين بالمحور المقاوم ورأس هرمه سورية… وكلنا ثقة ويقين بأن العام القادم سيحمل المزيد من الانتصارات لسورية وشعبها، ومعها دول محور المقاومة، والدول المحبة للسلام.
التالي