الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
من الصعب التصالح مع عقلية أولئك الذين يريدون تدمير مساكن الفقراء الذين يكافحون لكسب عيشهم في عالم قاسٍ، ففي الزمن الذي من المفترض أن نكون فيه نحن الجنس البشري في ذروة الحضارة، من المروع أن يكون هناك أشخاص مستعدون وراغبون لقيادة جرافة لتدمير منزل لأناس آخرين .
إنه لأمر مزعج (بعبارة ملطفة) أن ندرك أن هذا النوع من السلوك الهمجي يوضح سياسة شديدة التدين، تشجع “إسرائيل” اضطهاد الفلسطينيين من خلال التعهد أو التغاضي عن هدم المنازل والمنشآت الزراعية، وقد سجلت هذا العام هدم وتدمير 689 مبنى فلسطينياً وممتلكات أخرى من بينها حظائر الحيوانات قبل الإسرائيليين، وفي 5 تشرين الثاني أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً أشار فيه إلى أن القوات الإسرائيلية في الأسبوع السابق قامت بهدم أكثر من 70 مبنى، من بينها بيوت للسكن ومرافق صرف صحي تعود إلى 11 عائلة فلسطينية .
يشعر الاتحاد الأوروبي بالقلق من أن 52 مدرسة فلسطينية مهددة أيضًا بالهدم، بما في ذلك مدرسة وسط الضفة الغربية وهي بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي و”تدعو لحماية الأطفال، بما في ذلك ضمان حقهم في التعليم في بيئة مدرسية آمنة “، لا توجد فرصة في أن توافق “إسرائيل” على الإطلاق على تعليم الأطفال الفلسطينيين، هي تريد أن تمحو آثار الفلسطينيين من الأراضي التي احتلتها على مدى سنوات عديدة، وإذا تضمن ذلك هدم المدارس فليكن .
يعلن الاتحاد الأوروبي أن التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان يجب حمايته والحفاظ عليه ويكرر دعوته “لإسرائيل” لوقف جميع عمليات الهدم، بما في ذلك المدارس الممولة من الاتحاد الأوروبي، ولاسيما في ضوء كارثة وباء كورونا، لكن بقدر ما يتعلق الأمر بالقضاء على الفلسطينيين، فإن جائحة كورونا هي نعمة “لإسرائيل”، لأنها تسببت في أزمة مروعة، ويحذر صندوق الأمم المتحدة للطفولة من أن “أزمة الحماية المطولة لدولة فلسطين والتي تفاقمت بسبب وباء كورونا، استمرت في التأثير على الأطفال، فأكثر من 2.2 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية وأكثر من مليون طفل يعيشون في قطاع غزة يجدون صعوبة في الوصول إلى الخدمات الأساسية”، لكن رد فعل “إسرائيل” على الأزمة الإنسانية للفلسطينيين هو الاستمرار في تدمير حقولهم ومزارعهم وأشجار الفاكهة وحيواناتهم وأكواخهم ومدارسهم .
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وهو وكالة متخصصة تبذل ما في وسعها للتخفيف من المعاناة حول العالم الرهيب لا تستطيع فعل أي شيء حيال بؤس الشعب الفلسطيني، بخلاف تسجيل الحقائق حول اضطهادهم.
كل ما يمكن أن تفعله منسقة الأرض الفلسطينية المحتلة، إيفون هيلي، بعد أن “هدمت السلطات الإسرائيلية منازل ومبانٍ أخرى ودمرت ممتلكات في المجتمع الفلسطيني في خمس قرى في تشرين الثاني الماضي، هو إصدار بيان “لتذكير جميع الأطراف بأن التدمير الشامل للممتلكات والنقل القسري للأشخاص المحميين في الأراضي المحتلة يمثلان انتهاكات جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة، وبينما تؤكد أن المجتمع الإنساني على استعداد لدعم جميع الذين نزحوا أو تضرروا، تكرر الدعوة “لإسرائيل” لوقف عمليات الهدم غير القانونية على الفور ” .
“إسرائيل” كالعادة لم تعر أدنى اهتمام، بل زادت من سرعة الجرافات في الجولة التالية من تدمير منازل الفلسطينيين، في حين قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدم شرعية ضم أي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة”، كما وافقت الجمعية على القرار بشأن “التسوية السلمية لقضية فلسطين” و”دعت إلى الاحترام الكامل للقانون الدولي، كما دعت إلى حماية الفلسطينيين وخفض تصعيد الوضع في فلسطين، وممارسة ضبط النفس وتهيئة بيئة مستقرة تفضي إلى السعي لتحقيق السلام” وكان التأييد العالمي ساحقاً، حيث أيدت 145 دولة “تسوية سلمية” للوضع في فلسطين المحتلة، أما الدول السبع التي صوتت ضد هذه الدعوة فهي الولايات المتحدة و”إسرائيل” وأستراليا وكندا بالإضافة إلى جزر مارشال وولايات ميكرونيزيا الموحدة وناورو التي يتعين عليها دعم قرار واشنطن خشية أن تفقد دعمها المالي .
من المؤسف للغاية أن أستراليا وكندا قد انضمتا إلى اللوبي المؤيد لإسرائيل والمناهض لفلسطين أي الولايات المتحدة التي أمضت في عهد ترامب السنوات الأربع الماضية في تعزيز حملة “إسرائيل” للقضاء على الفلسطينيين، صحيفة نيويورك تايمز لخصت موقف واشنطن بقولها : “بالنسبة لنتنياهو وإسرائيل، هدايا ترامب لا تزال قائمة”، ولم يكن هذا من قبيل المبالغة .
بادئ ذي بدء، تمت الإشارة إلى أنه في 20 تشرين الثاني، أصبح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد حراً في الذهاب إلى “إسرائيل” بعد أن قضى فترة سجنه بتهمة خيانة أسرار أمريكا، لم يكن يتجسس حتى من أجل المبدأ، لقد تجسس من أجل المال، وقد قوبل إطلاق سراحه بترحيب حار بقلم نتنياهو الذي أعلن “نحن في انتظارك، حتى في زمن انتشار فيروس كورونا، بأذرع مفتوحة، وسوف تتلقى احتضاناً حقيقياً من الإسرائيليين…أريد حقاً أن أهنئك على انتهاء كابوسك ويمكنك العودة إلى “إسرائيل”، ستكون حقاً لحظة كبيرة، لحظة كبيرة لنا جميعاً” .
نتنياهو الذي يرحب بالتجسس على أميركا هو رئيس الوزراء المدعوم بقوة من أميركا، لدرجة أن “إدارة ترامب قطعت كل التمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي تقدم المساعدة للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط”، كما أوقف ترامب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن تقديم 200 مليون دولار لدعم جهود أخرى لمساعدة الشعب الفلسطيني، وشملت العقوبة المالية التي فرضها إلغاء 25 مليون دولار للمستشفيات الفلسطينية و10 ملايين دولار لجهود التعايش الإسرائيلي الفلسطيني، الرسالة واضحة، وهي أن “إسرائيل” يمكن أن تفعل أي شيء وتفلت من أي شيء، لأن ترامب يقف معها، لقد كان هو وأتباعه معاديين للفلسطينيين بلا كلل، وبالتالي يمكن “لإسرائيل” أن تضطهد الفلسطينيين دون أدنى خوف من تطبيق العدالة الدولية .
قام وزير الخارجية بومبيو بزيارة ودية إلى “إسرائيل” في نهاية تشرين الثاني، وكما ورد في صحيفة نيويورك تايمز، ” أعلن أن الولايات المتحدة ستنظر من الآن فصاعداً إلى حركة مقاطعة “إسرائيل” الدولية على أنها معادية للسامية، لقد توقف في الضفة الغربية المحتلة، ليصبح أكبر مسؤول أمريكي يزور إحدى المستوطنات الإسرائيلية، التي يعتبرها كثير من العالم انتهاكاً للقانون الدولي”، إذن ماذا ستفعل إدارة بايدن؟ هل ستكمل مسيرة ترامب بدعم “إسرائيل” لاجتثاث الشعب الفلسطيني ؟.
على الرغم من أنه قد لا يكون شرساً وعديم الرحمة مثل ترامب، إلا أنه لن يكون صديقاً للفلسطينيين، ومن المهم أن فوز بايدن تم الترحيب به بتغريدة لنتنياهو تقول “جو، لقد كانت لدينا علاقة شخصية طويلة ودافئة منذ حوالي 40 سنة، وأنا أعلم أنك صديق عظيم “لإسرائيل”، إنني أتطلع إلى العمل مع معك لتعزيز التحالف الخاص بين الولايات المتحدة و”إسرائيل “، وهنا يبدو لا أمل للفلسطينيين !!..
بقلم : بريان كلوجلي
Strategic Culture