الثورة أون لاين – سلوى الديب:
التقيته في شهر شباط من عام 2020 أثناء إحدى محاضرات فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب، رجل كهل قد أرهقته السنين، إنه الأديب الدكتور غازي مختار طليمات وقد أبى إلا أن يحضر المحاضرة التي سلط الضوء من خلالها الأديب الراحل محمد بري العواني على مسيرته الأدبية الإبداعية، وقد شرح بري أسلوبه الأدبي في الكتابة ولغته وغاص في عمق نصوصه، وفي نهاية المحاضرة قام طليمات بتوزيع نسخة من كتابه “مقامات ناصحة مازحة لا جارحة” على الحضور.
وقعُ خبرُ وفاته حملني للبحث في مسيرته وأسلوبه وبعض نصوصه لندرك الأثر الذي تركه هذا الأديب:
ولد طليمات في مدينة حمص عام 1935-2020م، وأتم تعلمه الثانوي فيها، بينما أكمل دراسته الجامعية والعليا في دمشق، ونال درجة دكتوراه في علوم اللغة العربية وآدابها 1956م، ويعتبر أحد أهم مؤسسي كلية الآداب في جامعة البعث بالتعاون مع الدكتور أحمد دهمان والدكتور عبد الإله نبهان.
الراحل كاتب وشاعر ولغوي ونحوي ومؤلف وباحث مؤرخ للأدب العربي وقد ألف المسرحيات الشعرية، فله العديد من الدراسات النحوية والكتب اللغوية والنحوية، والكتب التعليمية التطبيقية، ومن مسرحياته الشعرية “المحنة، عين جالوت، ومحكمة الأبرياء” ومن دواوينه الشعرية “طواف لا ينتهي 2008” ودراسات عروضية ودراسات أدبية، ومن كتبه أيضاً: اللباب في علل البناء والإعراب ج1 والأشباه والنظائر ج2، الوجيز في قصة الحضارة 15 جزءاً، وتاريخ الأدب العربي –العصر الجاهلي مشترك، وقد كتب ونشر أكثر من 40 نصاً مسرحياً بين طويل وقصير، وقد اتسمت مسرحياته بالقصر لمواكبة العصر واختزال أحداثها المفصلة.
وهو كأغلب الكتّاب سكنت فلسطين قلبه فعرَّج على ذكرها وأشار لتخاذل العرب تجاهها ففي مسرحيته “محكمة الأبرياء” يقول: (الضابط: اختار لها مسرحاً بلاد الشام في فلسطين فهي قلب جريح واجف الخفق نازف العرق دام.
القاضي: ويحك اخترت ما يدينك فاحذر من براكينها ذوات الضرم إن أبطالها المغاوير دينوا وهم الأكرمون بالإجرام، الضابط: لست منهم…)
وقد تميزت مسرحياته بلغة فصيحة بسيطة التركيب الفني ولغة شعرية ذات إيقاع، وقد ظهر واضحاً جلياً البيان والفصاحة في أسلوبه ولا يخلو أسلوبه الشعري من موسيقا تصدح من بين مفرداته من خلال عدة مؤلفات منها كتابه “مقامات ناصحة مازحة لا جارحة”، قد ضم أربعين مقامة بدأت بالمقامة الخنثاوية وانتهت بالمقامة الحردونية، قد تقمص في عمله الأدبي “مقامات ناصحة مازحة لا جارحة” شخصية حبيب بن سيار الذي تميز بالذكاء والنباهة والنقد والتقاط الصور أما البطل فكان سيار بن عيار فهو رحالة كثير السفر والتجوال “أدرت كلام سيّار في رأسي فدار، وتحسسته في قلبي فحار، كمن شرب الخشخاش، أو تعاطى حشيشة حشّاش”..
وقد توفي عن عمر يناهز 85 عاماً قضاها في البحث والدراسة والكتابة.