الثورة أون لاين- ترجمة ختام أحمد:
خرج الغوغائيون والمشاغبون وفرضوا حصارًا على مبنى الكابيتول الأميركي يوم الأربعاء، كنتاج للقوى المدمرة التي كان الرئيس دونالد ترامب يحركها لسنوات، وبلغت ذروتها لتعطيل طقوس ديمقراطية من شأنها أن تنهي رسمياً محاولته غير الدستورية للبقاء في السلطة.
المشهد الذي انكشف عن اقتحام حواجز الشرطة وتحطيم النوافذ، ثم احتلال مقاعد السلطة، اعتاد الأميركيون على مشاهدته في دول بعيدة عنهم، لكن العنف الذي شمل إطلاق النار في مبنى الكابيتول، ومقتل أشخاص، واحتلال مسلح لقاعة مجلس الشيوخ – حيث يتم أداء القسم من أجل حماية التقاليد الديمقراطية – وتكسير مقاعده، يشير إلى أن المشاغبين اختاروا اقتحام مبنى الكابيتول، وأثاروا أصداء القلق والدم في عصر الحرب الأهلية، بتحريض من قبل رئيس منتخب غير راغب في احترام العقيدة التأسيسية للانتقال السلمي للسلطة.
المؤرخ الرئاسي مايكل بيشلوس قال: “هذه محاولة انقلاب حرض عليها رئيس الولايات المتحدة، نحن في لحظة غير مسبوقة عندما يكون الرئيس على استعداد للتآمر مع الغوغاء لإسقاط حكومته، هذا مخالف تمامًا لفكرة الديمقراطية التي وقفت من أجلها الأمة لأكثر من قرنين”.
تم تعطيل شهادة تصويت الهيئة الانتخابية التي تضفي الطابع الرسمي على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، وهو احتفال دستوري مصمم عادةً لإظهار قوة الديمقراطية الأميركية، في غضون ساعات من مطالبة ترامب الحارقة باتخاذ إجراء أعلنه في خطاب ألقاه أمام مؤيديه، حيث ناشدهم “للقتال.. ووقف سرقة الانتخابات والتقدم في مسيرة إلى مبنى الكابيتول”، وقال ترامب: “بعد ذلك، سوف نسير – وسأكون هناك معكم – سوف نسير، وسوف نسير إلى مبنى الكابيتول، وسنذهب للتعبير عن فرحتنا لأعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونغرس الشجعان لدينا، وربما لن نشجع الكثير منهم”، وهذا الخطاب كان بمثابة وداع يغمره الغضب، وأثار أولئك الذين اعتبروه دعوة إلى التمرد.
اجتاح المشاغبون قوات الأمن في الكابيتول وتفوقوا عليهم، وكسروا النوافذ وسرقوا التذكارات واستهزؤوا بالمؤسسة بصور تظهرهم في مقاعد السلطة، واستولوا على منصة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، واقتحموا رمز أميركا للديمقراطية والتي كان شعارها “اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” (وهي جزء من مبنى الكابيتول)، وحمل رجل علم الكونفدرالية في نفس القاعة المستديرة حيث وقف أبراهام لنكولن يوماً، وتم تصوير حبل المشنقة بالقرب من الجبهة الغربية لمبنى الكابيتول، واستخدمت شرطة الكابيتول منصة التنصيب – حيث سيضع بايدن يده على الكتاب المقدس بعد أسبوعين- لإطلاق رذاذ الفلفل على الحشد العنيف.
لقد نجا قليلون من غضب ترامب – حتى أكثر الأشخاص ملازمة له وولاءً، نائب الرئيس مايك بنس قال إنه لا يستطيع احترام رغبات الرئيس بإلغاء فرز الأصوات الانتخابية لأنه لا توجد سلطة قانونية له للقيام بذلك، واضطر جهاز الخدمة السرية إلى نقله إلى بر الأمان عندما تم اختراق حواجز الكابيتول.
تم وضع الأساس لأعمال العنف قبل المسيرة، والتي تضمنت أيضًا دعوة من المحامي الشخصي للرئيس، رودي جولياني، من أجل “محاكمة عن طريق القتال” لتسوية اتهامات تزويرالانتخابات، وأمضى ترامب الذي ابتعد منذ فترة طويلة عن الالتزام بالنقل السلمي للسلطة، الجزء الأكبر من عام 2020 معلنًا أن الانتخابات “مزورة” ووجه اتهامات لا أساس لها بشأن تزوير الناخبين على نطاق واسع، والتي قال العديد من المحاكم الفيدرالية ونائبه العام السابق إنها لم تفعل ذلك.
تم تمكين الرئيس من قبل العشرات من زملائه الجمهوريين، الذين قالوا إنهم على استعداد للاعتراض على الفرز، وهي مناورة يعرفون أنها ستؤخر النتيجة ولكنها لن تغيرها، حتى عندما اتضح أنه خسر الانتخابات، رفض ترامب الاعتراف بالواقع، وأصر مرارًا وتكرارًا على فوزه بأغلبية ساحقة، لكن أنصاره كانوا أكثر استعدادًا لقبول جهوده لتقويض حكم الناخبين، و توسل إليه أعضاء حزبه – بمن فيهم بعض المحاصرين في مبنى الكابيتول والخائفين على حياتهم – ليدين بقوة عمل الإرهاب المحلي، لكن ترامب رفض، وقضى معظم فترة ما بعد الظهر في غرفة الطعام الخاصة به خارج المكتب البيضاوي، يشاهد العنف في واشنطن على شاشة تلفزيون كبيرة، على الرغم من أن معظم انتباهه كان ينصب على عدم ولاء بنس، وقام على مضض بتسجيل مقطع فيديو دعا فيه إلى “السلام” وطالب المشاغبين ب”العودة إلى ديارهم”، لكنه وضع بين قوسين طلبه بمزاعم كاذبة أخرى عن تزوير الانتخابات.
وفي تغريدة له و بدلاً من انتقاد الغوغاء بشكل مباشر، قدم اعتذارًا لهم قائلاً :”هذه هي الأشياء والأحداث التي تحدث عندما يتم تجريد فوز ساحق مقدس في الانتخابات بشكل غير رسمي ووحشي من الوطنيين العظماء الذين عوملوا معاملة سيئة وغير عادلة لفترة طويلة”، وشجعهم على “تذكر” اليوم كما لو أنه سيُنظر إليه يوماً ما على أنه احتفال وليس شغباً.
قال بايدن في خطاب موجه إلى الأمة “يجب أن يكون عمل اللحظة وعمل السنوات الأربع القادمة هو استعادة الديمقراطية واستعادة احترام سيادة القانون، وتجديد السياسة التي تدور حول حل المشاكل – وليس تأجيج نيران الكراهية والفوضى، ” وناشد ترامب أن “يصعد ويطلب من مناصريه الانسحاب ” لكنه لم يفعل.
أعلن جورج دبليو بوش، آخر رئيس جمهوري ، أن “التمرد يمكن أن يلحق أضرارًا جسيمة بأمتنا وسمعتنا”.
يشار إلى أنه تم اختراق مبنى الكابيتول الأميركي عام 1814، عندما هاجمه البريطانيون وأضرموا فيه النيران خلال حرب عام 1812، وفقًا لجمعية الكابيتول التاريخية الأميركية، ووفقًا للمؤرخ الرئاسي جوليان زيليزر، فإن لحظة الصراع الداخلي التي يغذيها الرئيس، “لا يمكن إلا أن تذكرنا بالحرب الأهلية”.
بقلم جوناثان ليميراليوم
اسوشيتد برس