“الحرية”.. الوجهة الجديدة

الثورة أون لاين – د. مازن سليم خضور:

هناك خلط كبير في استخدام مفهوم الفكر الليبرالي من حيث تفسيره، فالفكر الليبرالي بالأصل هو فكر اقتصادي، وهناك خلط بين الليبرالية الكلاسيكية والنيوليبرالية الذي قادها فولكر في الولايات المتحدة الأميركية ومارغريت تاتشر في المملكة المتحدة والتي “هي نظرية في ممارسات الاقتصاد السياسي والتي تفترض الأفضل لتعزيز سعادة الإنسان والرخاء وإطلاق حريات الفرد ومهاراته للقيام بالمشاريع ضمن إطار مؤسساتي يتصف بالحقوق القوية للملكية الخاصة والأسواق والتجارة الحرة وينحصر دور الدولة في خلق الإطار المؤسساتي والحفاظ عليه بما يلائم هذه الممارسات”، على سبيل المثال إنشاء الهيكليات والوظائف العسكرية والقانونية لتأمين حقوق الملكية الخاصة وإن عمل الأسواق بالشكل الصحيح والملائم وإن اقتضى الأمر استخدام قوة الدولة.
دول عدة في العالم تحولت نحو “النيوليبرالية” لا سيما في سبعينيات القرن الماضي وما رافقها من إجراءات الخصخصة وانسحاب الدولة من كثير من المجالات خاصة في الجانب الاجتماعي ومنها دول تعتبر من دول الرفاه الاجتماعي كالسويد ونيوزيلندا وأيضاً دول من الدول المستقلة والتي تشكلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كذلك الأمر بالنسبة لجنوب إفريقيا حتى الصين بدأت تتجه إلى ذلك.
الليبرالية الحديثة أو ما سمي باللبرلة الجديدة أفرزت الكثير مما سمي التدمير الخلاق ليس فقط للأطر المؤسساتية بل أيضاً في العلاقات الاجتماعية وهنا يجب الإيضاح بأن مفرزات “النيوليبرالية” في بعض السياسات التي اعتمدتها نتج عنها مشكلات اجتماعية رافقتها هذه السياسات مع الانفجار الكمي في وسائل الإعلام وتعاظم هذا الدور بالإضافة إلى السيطرة على مواقع السيطرة في الإعلام والمؤسسات الدولية بالإضافة إلى المجال التعليمي.
وهذا كان مجرد بداية تعريفية وتوضيحية لمجموعة من المفاهيم التي رافقت هذا الفكر – الليبرالية الجديدة وسيتم التعريف بها ضمن السلسلة الجديدة.
أولى هذه المفاهيم هو مفهوم “الحرية”.
ليعم أي اتجاه فكري سياسي واقتصادي معين يجب أن تسود مفاهيم معينة ومن أبرز مفاهيم النيوليبرالي و هو مفهوم “الحرية”.
اتخذ مؤسسو الفكر “النيو ليبرالي” المثل الأساسية لكرامة الإنسان وحرية الفرد على أنها المثل الأساسية والقيم المحورية للحضارة ولعبت فكرة الحرية المتأصلة في الثقافة الأميركية حتى أن أنصار هذا الفكر روجوا على أن اعتداءات الحادي عشر من أيلول التي ضربت برجي التجارة في الولايات المتحدة هي استهداف للحرية في هذا البلد حتى الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش تحدث في الذكرى الأولى لهذه الجريمة وقال ” البشرية اليوم تمسك بيديها فرصة تقديم نصر الحرية على كل أعدائها من قديم الزمان، والولايات المتحدة ترحب بمسؤولياتها لتكون القائد في هذه المهمة العظيمة”.
حتى اعتداءات الولايات المتحدة الأميركية في حروبها الخارجية اعتمدت على هذه الفكرة فعلى سبيل المثال حرب أميركا على العراق وعندما فشل بإيجاد المبررات، وأكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن تحظى بالتأييد من قبل الأغلبية فقد احتكم بوش إلى فكرة تقول إن منح “الحرية” للعراق هي بعينها مسوغ كاف للحرب وهكذا كانت التصرفات بعد الاحتلال الرامية لتحقيق أهداف الليبرالية الحديثة حيث أصدر “بول بريمر” رئيس سلطة التحالف أربعة أوامر تضمنت:
– خصخصة كاملة لجميع مشاريع القطاع العام.
– حقوق ملكية كاملة لشركات أجنبية للأعمال العراقية.
– فتح المصارف العراقية أمام السيطرة الأجنبية.
– معاملة الشركات الوطنية للشركات الأجنبية.
وفي استثناء ملفت من هذه الأوامر تم استثناء النفط من هذه الإجراءات والسبب بكل بساطة أن عائدات العراق النفطية استثمرت في دفع تكاليف الحرب لما يسمى “التحالف الدولي”.
تجلت تداعيات الحرية الأميركية في ليبيا من خلال شرعنة هذا التدخل من خلال قرار أممي لمساعدة الشعب الليبي في الحصول على الحرية المزعومة، وعهدت أميركا إلى حلف الناتو بالإسهام بقصف ليبيا وصولاً إلى تعويم الإرهابي المعتقل السابق في غوانتانامو عبد الحكيم بالحاج وصولاً إلى آبار النفط الليبية والسيطرة على مقدرات الشعب الليبي.
وفي سورية استنفرت الولايات المتحدة أدواتها الإعلامية والسياسية والاقتصادية بعد ما سمي “الربيع العربي”، وعملت من البداية على دعم ” التنظيمات الإرهابية ” وتشكيل الحكومات في المنفى وبعد أن انكشفت حقيقة هذه التنظيمات عملت على تغيير المسميات باسم “المعارضة المعتدلة” وصولاً إلى وضع قواعد عسكرية احتلالية في التنف في البادية السورية بالإضافة إلى الحسكة والقامشلي ودير الزور خاصة بالقرب من حقول كونيكو للغاز أو حقول النفط وبالأخص حقول العمر للسيطرة على هذه الثروات والتحكم بها.

أمام هذا كله نرى أن الولايات المتحدة ومن خلال ما تبنته من مفهوم للحرية نرى أن هذه المفهوم تعرض للكثير من الأسئلة خلال الأيام الماضية وادعائها أنها راعية للحريات في العالم حتى أن الرئيس دونالد ترامب قال إن إعلام الولايات المتحدة ليس حراً ولا نزيهاً فوسائل الإعلام تقمع حرية التعبير وهي عدوة للشعب.

ومن جانب آخر دعت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه ترامب إلى التنصل من «الخطابات الكاذبة والخطيرة» مشيرة إلى أن اقتحام مؤيديه مبنى الكابيتول “يظهر تأثير التحريض على العنف والكراهية”.

وبعد هذا الطرح هناك مجموعة من التساؤلات ومنها عن أي حرية نتحدث وإلى أي حرية نسعى؟.
كذلك في الستينيات رفع شعار بأن ما هو خير لصالح شركة “جنرال موتورز” لصناعة السيارات فهو خير لصالح الولايات المتحدة.
وفي التسعينيات حل محل الشعار السابق شعار جديد أن ما هو خير لصالح نشاط وول ستريت” المالي هو ما يهم ويعني الولايات المتحدة.
أما الآن ماذا سيحل من شعارات…؟

سؤال بانتظار قادمات الأيام.

 

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان