الثورة أون لاين – غصون سليمان:
في حديث الوجع السوري ثمة تفاصيل مستورة تحت مخمل الأيام التي تداعى بريقها كخريف الفصول ، فباتت الحاجة مطلوبة أكثر لسلوك أسلوب وطريقة تفكير الأمهات الماهرات اللواتي يبدعن في اختراق الظروف وتمرير خيوط الحل ومعالجتها ولو بحجم ثقب إبرة .
في مفهوم الإدارة ثمة طقوس مجتمعية ومسارات نعبرها بالفطرة لضبط مايعيق أمنياتنا ورغباتنا ، نتمسك بقشة الأمل ونخوض بحر الصعوبات التي أفرزتها لنا معطيات حرب عدوانية تشعبت ويلاتها على كل المستويات .
وبعيداً عن المفهوم الأكاديمي بالمعنى الحرفي للعبارة ، يرى بعض المهتمين من خلال الممارسة العملية لمسؤولية الإدارة أن مفهوم الإدارة بالحنان يجب أن تكون هي السائدة في ظروفنا الحالية كما الأسر المستورة والتي تعيش أضنك الظروف ، وهي بالتالي إدارة فقر لموارد قليلة ، وإدارة الموارد حتى لو كانت محدودة جداً يمكن إدارتها ، في إطار الظروف التي نعيشها اليوم ، فالإنسان بطبعه وإرادته يستطيع العيش على سبيل المثال لا الحصر بكسرة خبز ، أو مايسد الرمق مما توفر من طعام أكان ولداً أو شاباً يافعاً ، أو معمراً ، حتى تدوير الألبسة بين أفراد الأسرة ممكن جداً ، ولو كان البنطال مرتقاً أومشقوقاً ، ،فجوهر الإدارة بالحنان هنا هو أن يقوم الأب والأم بإحساس العائلة بالمحبة والألفة والتصريح بالإمكانيات الموجودة بهدف التأقلم معها وعدم هدرها والمحافظة عليها مهما كانت شحيحة .
هذه السياسة حين تنتقل من باب الأسرة إلى باب المجتمع والحكومة والدولة فلاشك أن معظم المشاكل إن لم نقل كلها تجد طريقها إلى الحل مهما كان بسيطاً .
بمعنى أن أي مدير ، أو وزير حين يشعر من حوله أنهم غير موظفين وأنهم بمثابة إخوة ، أبناء ، أصدقاء .. فطريقة التفكير تصبح بهذه الحالة ، مختلفة ونوعية تتقدم بالوعي وإيجاد الحلول على طريقة التفكير كإدارة ومسؤول إداري فقط .
أي إدارة قوانين ، وأنظمة ومواد متعلقة بالتعاميم ..
والتعاميم اليوم هي عبارة عن أفكار مجردة ، عبارة عن تطبيق قانون ، وإذا ما أخذنا من هذا التطبيق أي روح منه يصبح بالتأكيد مؤذياً للجميع .
ولكن كيف نفسر مانلحظه نحن كمجتمع من جملة المفاهيم المختلفة ، فيما يخص الأسرة والجيل الذي يوصف بتصرفاته أنه شبه متمرد نتيجة الأوضاع والظروف وأنه غير مبال .
البعض يرى أنه حتى هذا الجيل الذي يتهم بالمتمرد يجب إعادته الى مساحة وحضن التفكير بهذه الموارد والإمكانيات المتاحة ، من خلال المصارحة ، والقول أن إمكاناتي اليوم كأسرة وعائلة هي كذا وكذا ، وأنني غير قادر على سبيل المثال في حال انتزع حذاء أحد الأبناء على سبيل المثال لاالحصر كأن يقول لست قادراً على شراء حذاء جديد علينا إصلاحه ولبسه حالياً وكذلك حال البنطال والجاكيت وشنتة المدرسة وغيرها من الأشياء التي تستر ، ويجب استثمارها بين الكبير والصغير في آلية تدوير مناسبة لآخر نفس ، كما تدوير الوجبات الغذائية ، حيث لم يوجد سوري في الغالب لم يدور وجبته الغذائية مما تيسر من برغل وأرز وحبوب وغيرها ..
فالفقر هو فقر المعرفة وعدم حسن التدبير للموارد المتاحة وفق نظرية حنان الأم وحسها الاقتصادي المبدع .
ويؤكد من له صلة وكفاءة بفن الإدارة من خلال نقاش وحديث متبادل أن مايتوفر لدينا الآن من موارد متاحة لاتوصلنا إلى مرحلة الفقر والجوع فبلدنا غنية جداً ويصعب أن نصل إلى مرحلة الفقر المدقع ، إذا تمكنا بشكل سليم من إدارة الموارد المتاحة وهي الأساس ، وذلك بإيصال ما أمكن مما هو متاح لكل محتاج .. لاسيما وأن مواردنا اليوم تسمح للجميع أن يعيشوا مستورين ، في ظل هذه الظروف القاسية ، فلدينا موارد بشرية ، مالية ، غذائية وجميعها يجب أن تدار حسب احتياجات أبناء المجتمع .
وبالتالي نحن كدولة لانعاني من نقص الموارد البشرية وإنما بطريقة إدارتها ، وإذا مانظرنا إلى الموارد الغذائية نجد أن سورية فيها كل شيء ، لكن المشكلة تكمن بضعف الموارد المالية ، ويبقى السؤال كيف سيتم تدويرها وتحويلها للفئات المحتاجة بالأساس وهنا بيت القصيد .
وهذا مايدفع إلى ضرورة تصويب العمل الإداري بحيث تعمل الإدارات بمفعول مضمون الحنان “أي الإدارة بالفطرة “والتي هي من أهم الأشياء حالياً ، على عكس النظرة والتفكير إلى الإدارة كحالة مجردة مايستحيل إتقان الدور والنجاح فيه .
لذلك فإن كل من لم ينظر إلى إدارته ، مؤسسته ، وزارته ، على أنها عائلة وجميع أفرادها مسؤولون ومعنيون بالنجاح من خلال العمل والمحبة .
وأن كل فرد موظف هو أخ وشريك يتقاسمون الأوجاع والأحزان والأفراح .
وحين ينمَّى هذا الشعور عبر تكامل الأدوار صغيرها وكبيرها .. لاشك أن الإدارة بالحنان تكون ناجعة ومثمرة بصفاء النفوس