الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
انشغل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في أيامه الأخيرة بقائمة من المهام الكارثية التي تدل على الهستيريا التي وصلت إليها السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، حيث بدأ أجندته المضللة باتهام إيران بأنها القاعدة الدولية الجديدة لإرهاب القاعدة، ما يجعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية هدفاً لضربات أميركية محتملة باسم “الحرب على الإرهاب”.
وبغض النظر عن أن بومبيو لم يقدم أي دليل لدعم ادعائه المجنون والمفكّك، وبغض النظر عن أنه غير منطقي إلى حد بعيد، فإن الحقيقة التي لا لَبسَ فيها على الإطلاق هي أن التحالف العسكري الذي تساهم به إيران يحارب للقضاء على الجماعات الإرهابية من نوع القاعدة في كل من سورية والعراق، ولذلك فإن اتهامات بومبيو الخرقاء لها ليست إلا دعاية لبلطجية الإمبريالية الأميركية.
كما تحرك بومبيو بسرعة لإعادة كوبا إلى القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ومرة أخرى ودون أي دليل استناداً إلى الاتهام التقليدي بأن هافانا تدعم الرئيس الاشتراكي المنتخب في فنزويلا نيكولاس مادورو، ولكن الحقيقة المطلقة هنا هي أن الولايات المتحدة هي الراعي الحقيقي للإرهاب، فهي التي تخنق فنزويلا وكوبا اقتصادياً منذ سنوات طويلة.
وتستمر قائمة المهام وصولاً إلى اليمن، حيث أعلن بومبيو وضع “أنصار الله” في اليمن على قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية، وقد نددت الأمم المتحدة والدول الأوروبية بهذه الخطوة على نطاق واسع بسبب تأثيرها الكارثي على جهود إيصال المساعدات الإنسانية إلى ملايين اليمنيين المحاصرين جراء الحرب السعودية المستمرة منذ خمس سنوات بدعم من الولايات المتحدة على هذا البلد، الذي يعتبر الأفقر في العالم العربي.
بالإضافة إلى ذلك فقد اجتمع بومبيو مع رئيس وكالة التجسس الإسرائيلية الموساد في واشنطن العاصمة، وناقشا سوية (تبادل المعلومات الاستخباراتية) حول الضربات الجوية الإسرائيلية التي شُنّت على شرق سورية بعد يومين من هذا اللقاء، ما أسفر عن وقوع ضحايا.
ولم يستثنِ بومبيو الصين وروسيا من قائمة مهامه الشريرة، حيث أعلن بدء الاتصالات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، ما يصب في إطار تقويض سيادة الصين على الجزيرة وإثارة غضب الحكومة الصينية، أما بالنسبة لروسيا، فإن وزارة الخارجية الأميركية وضعت المزيد من العقوبات الاقتصادية ضد الشركات الأوروبية المشاركة في بناء خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2.
ومن المفارقات أنه عندما تمت مساءلة ترامب لقيامه بالتحريض على أعمال الشغب والعنف في مبنى الكابيتول الأميركي في 6 كانون الثاني، أصدر الرئيس المنتهية ولايته بياناً يدين فيه السلوك غير القانوني، قائلاً “لا مكان للعنف والتخريب في بلدنا”، حسناً، ماذا عن بومبيو؟ وزير خارجيته الذي كان يملأ أيامه الأخيرة في منصبه بالتحريض على العنف والتخريب بدلاً من الدبلوماسية..؟!.
من الواضح أن بومبيو يسعى جاهداً لتكبيل إدارة بايدن الجديدة بالعلاقات الخارجية الكارثية والمُدمّرة. وبالطبع يمكن لفريق بايدن نظرياً التراجع عن الكثير من أعمال بومبيو الأخيرة الجنونية، ولكن وبسبب البيروقراطية في الإجراءات، قد يستغرق تحقيق هذا التراجع شهوراً عدة.
ليس هناك من شك في أن الهدف البغيض هو إلحاق الضرر بالعلاقات مع روسيا والصين، بحيث سيكون من الصعب سياسياً على بايدن إصلاحه إذا كان يريد ذلك، لأنه إذا ألغى بايدن تحركات بومبيو الأخيرة، فإنه سيضع نفسه في موقف صعب كونه “يتسامح” مع موسكو أو بكين.
من المؤسف أن تخضع السياسة الخارجية للولايات المتحدة للعقلية والسلوك البلطجي لبومبيو، وهو رئيس وكالة المخابرات المركزية سابقاً، والذي كان يتباهى دائماً بأن عقيدة عمله كانت “الغش، الكذب والسرقة”.
ليس مستغرباً أن يضطر بومبيو إلى إلغاء رحلته الأخيرة إلى أوروبا هذا الأسبوع بعد أن تبين أن وزراء الخارجية الأوروبيين يرفضون مقابلته، يبدو أنه حتى السياسيين الأوروبيين لن يتمكنوا من مجاراة الدبلوماسي الأميركي البغيض بعد الآن، فبومبيو ليس إلا تجسيداً لإدارة ترامب الرخيصة والإجرامية والمتهورة.
المصدر: Information Clearing House