الثورة اون لاين – ميساء الجردي
تسربت الليبرالية الحديثة إلى مجتمعاتنا عبر عدد من المبهورين بالنموذج الأمريكي والغربي وقدموا مجموعة من الأطروحات التي تتناقض مع القيم المجتمعية والفكرية والموروث الاجتماعي العربي والإسلامي مما جعل مواجهة هذه النظرية الهدامة واجبا على كل الجهات الفاعلة في المجتمع.
وعلى هامش الجدل الفكري المطروح حول الليبرالية الحديثة وأهدافها لابد من الإضاءة على بعض جوانبها وبخاصة أن هناك شريحة تعتبر مجابهة مفاهيم الليبرالية الحديثة نوعا من التمسك بالمفاهيم التقليدية البالية وهذا تكريسا لعدم المساواة القائمة على النوع الاجتماعي
فقد أكد الدكتور إسماعيل مروة أستاذ في جامعة دمشق أهمية الإضاءة على فحوى الليبرالية كما جاءت ضمن فكر ممنهج ومدروس لتدمير المجتمعات اقتصاديا واجتماعيا، والتي هي نوع من أنواع تبرير الاستعمار الجديد بكامل تفاصيله البعيدة عن الأخلاق والمعادية لقيم المجتمعات بمعنى نشر استخدام الحرية بشكل غير مقبول وخاطئة وهو حق يراد به باطل.
مبينا أن الخلاف حول موضوع الليبرالية لا يأتي من التسمية بل من الفكر الذي يركز على حرية الفرد المطلقة دون الانتباه إلى حرية الآخرين وبالتالي ضرب قيم المجتمع وأواصره الأخلاقية، في حين الحرية الحقيقية لا يمكن أن يكون الفرد فيها حرا إذا لم يكن المجتمع حرا، وبالتالي حرية الكل وليست حرية الجزء، التي يسعى إليها الليبراليون والتي تناقض حرية الإنسان الحقيقية وهذا أخطر ما فيها.
ويرى مروة أن دور الدين في المجتمع هو شيء أساسي وبخاصة أن الدين الإسلامي يحاول البعض تحويله إلى إيديولوجيا إرهابية، في حين الدين الإسلامي دين تسامح يدعو لبناء الإنسان والمجتمع معا. وعليه يلفت إلى أهمية أقامت الندوات التي تساهم في تغيير الفكر الليبرالي وتوضح مؤامرة اللعب على المصطلحات وعلى المفكرين أن يواجهوا هذه المصطلحات الرنانة التي يحاول البعض استخدامها لجذب الشباب ودفعهم للتخلي عن القيم والمبادئ الأساسية وإبعادهم عن القضايا الحقيقية.
الدكتور خضر شحرور مدير أوقاف ريف دمشق تحدث عن دور المؤسسة الدينية في مواجهة الليبرالية الجديدة مشيرة إلى تجربة رائدة لوزارة الأوقاف حيث يوجد فريق عمل لتوعية الشباب، لكون كل ما يحدث متعلق بالجانب الفكري وهذا الفكر يمكن أن يدخل عليه بعض التشويشات، فكان الاعتماد على توضيح الفكر الإسلامي والإنساني الصحيح وبناءه من خلال محاربة الأفكار الهدامة للمجتمع مثل الليبرالية الجديدة ومحاربة الوهابية والصوفية. وذلك بعدما ظهرت التفسيرات والأهداف التي تتبناها اليبرالية الحديثة وما تحمله من أفكار لهدم الأسرة وجعل الفرد محور المجتمع، وبخاصة بعد أن وصل البعض تطرفهم هذا إلى المطالبة بإلغاء كلمة أب وأم وابن وابنة وأخ وأخت وتمييع العلاقات الأسرية لجعلهم بدون علاقات اجتماعية واضحة تحت عناوين الحرية والمساواة وكل ذلك تعبير فاضح لتطبيق مفاهيم الليبرالية الأمريكية الحديثة.
وأوضح الدكتور شحرور مساوئ الأفكار الليبرالية الجديدة التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية وخصوصاً على الصعيد الاجتماعي لكونها تركز على حرية الفرد بعيدا عن حرية المجتمع وتسعى بذلك إلى تدمر الروابط الاجتماعية بين الأفراد وبالتالي تفكك وتمزق المجتمعات وهذا ما تسعى إليه دائما الولايات المتحدة الأمريكية في سياساتها الخارجية تجاه الدول.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الدول تبنت الفكر الليبرالي الحديث وعدلت جوازات سفرها وبطاقات الهوية الشخصية ووضعت تصنيفاً ثالثاً لتحديد الجنس على الجواز بدلا من الذكر أو الأنثى وضعت غير محدد، وهناك من ألغى البند المتعلق بتحديد الجنس بالكامل عن هذه الوثائق وذلك ضمن خطة شرعنة أحد جوانب الليبرالية الحديثة المتعلق بالحرية الشخصية للمثليين الجنسيين وهو أمر خطير ينتشر تحت مسمى انجاز الديمقراطية ويحتاج إلى التصدي له.