الثورة أون لاين – ميساء الجردي:
يندرج الطب الشرعي ضمن أهم العلوم الجنائية التي تبحث عن الحقيقة بدءا من مسرح الجريمة؛ الذي يعتبر الشاهد الصامت عليها إلى الآثار المادية. حيث يعتبر جزء لا يتجزأ من العملية الطبية والقانونية، ووفقا لذلك هناك خدمات كبيرة يؤديها الطبيب الشرعي في نظام العدالة الجنائية والكشف عن الحقائق في جميع الحالات وليس فقط في كشف هوية الجثث كما يعتقد البعض والتي هي لا تشكل سوى 3% من عمل الطبيب الشرعي بينما هناك أكثر من 90% من عمله هو مع الأحياء لكشف الحقائق والتعريف بها، هذا ما يدفع لضرورة الاهتمام بالطب الشرعي وتحسين واقعه وتحفيز الانتماء لهذا التخصص، خاصة بعد أن خسرنا الكثير من الأطباء الشرعيين.
يؤكد الدكتور ياسر صافي رئيس الرابطة السورية للطب الشرعي في سورية في حديث خاص للثورة اون لاين أهمية وجود الهيئة العامة للطب الشرعي التي تشكلت بمرسوم جمهوري من السيد الرئيس بشار الأسد في تنظيم عمل هذا الطب والتي تعتبر كنزا حقيقا في خدمة هذا المجال، بالوقت الذي لا يمكن اعتبار واقع الطب الشرعي جيدا بسبب النقص الكبير في أعداد الأطباء الشرعيين نتيجة الهجرة قبل الحرب على سورية وخلالها، فما تبقى لا يشكل أكثر من 50% من الأطباء، لافتا إلى أن القرار الذي صدر مؤخرا من رئاسة مجلس الوزراء بالموافقة على منح الأطباء باختصاص طب شرعي مكافأة شهرية تصل إلى 130 ألف ليرة، مع ضرورة وضع نظام حوافز فعال لأطباء الطب الشرعي، يسهم في دعم هذا الاختصاص، ويحفز للدخول إليه في ظل العوز الرهيب لأطباء شرعيين.
وأوضح رئيس الرابطة: أن واقع الأطباء الشرعيين ليس سهلا وخاصة أنه لا يمكن للطبيب أن يفتتح عيادة كطبيب شرعي ودخله محصور بما يتقاضاه من عمله في القطاع العام، ولهذا أغلب الطلبة لا يرغبون بالدخول إلى الطب الشرعي إذ لا يوجد ولا طبيب مقيم حاليا في اختصاص الطب الشرعي وإذا استمر هذا الواقع سوف نصل خلال الخمس سنوات القادمة إلى 20 طبيب شرعي فقط من أصل 60 طبيبا متواجدين حاليا، علما أن الحاجة تستدعي ضرورة وجود 500 طبيب شرعي على الأقل وخاصة في الظروف الحالية التي تحتم وجود العمل على تحديد الهوية والاستعراف.
وبنفس الوقت عبر الدكتور صافي عن تفاؤله الكبير بوجود الهيئة كمكرمة عظيمة وعن صدور المنحة التي تشكل دعما مباشرا للطبيب الشرعي، وكذلك التعاون الذي أبداه وزير الصحة مؤخرا في دعم أي قرار يصدر لصالح دعم الأطباء الشرعيين وتطوير العمل في هذا الاتجاه، إضافة لبعض النقاط المضيئة كوجود مركز الاستعراف في العيادات الشاملة والذي حقق نتائج عمل جيدة.
ولفت الصافي إلى التوجه الحالي لترميم الطب الشرعي من اختصاصات أخرى وقد تم تقديم اقتراح من البورد السوري للطب الشرعي وتمت الموافقة عليه بأن يقام فرع خاص بالطب الشرعي لمدة عامين في الدراسات العليا، يستقبل الأطباء من اختصاصات أخرى على سبيل المثال طبيب عظمية يختص بالطب الشرعي ليصبح طبيبا شرعيا عظميا، وطبيب شرعي عصبي، وطبيب شرعي أسنان، وقد تم قبول خمس طلاب حتى الآن، وعليه يمكن سد الثغرة في نقص الأطباء الشرعيين عن طريق قبول الاختصاصات الفرعية، مشيرا إلى أن المفاضلة الحالية في وزارة الصحة ستعمل على افتتاح هذا المجال أمام الاختصاصات الفرعية وهذا يساهم في تحسين واقع الطب الشرعي بشكل كبير.
تجدر الإشارة إلى أن الرابطة السورية للطب الشرعي تتبع نقابيا إلى نقابة أطباء سورية والأعضاء بهذه الرابطة هم الحاصلين على اختصاص طب شرعي، ومن أهم أهدافها تنظيم عمل هذا الاختصاص والدفاع عن الطبيب الشرعي بما يخدم مصلحة المريض أو متلقي الخدمة، وتقديم الدورات التدريبية والمساهمة في إقامة المؤتمرات العلمية، فقد حققت الرابطة خلال عملها أكثر من 40 ندوة ومؤتمر علمي، وهي مستمرة في الجانب العلمي والتثقيفي عن طريق إقامة ندوات افتراضية عن بعد بمشاركة أطباء من داخل سورية وخارجها عن طريق تطبيق نظام ( ميتينك)، إضافة إلى أن 70% من عمل الطبيب الشرعي هو على مستوى وزارة العدل لذلك من الضرورة أن تكون الرابطة على علاقة جيدة مع العاملين في هذه الجهة ومع النقابات التابعة لها.