الثورة – هلا ماشه :
عقدت لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية في البرلمان التركي، أمس الثلاثاء 18 تشرين الثاني/نوفمبر، جلستها السابعة عشرة لمناقشة تقييمات مهمة من وزيري الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات حول حلّ حزب “العمال الكردستاني” ونزع سلاحه. هذه الجلسة جاءت وسط جدل واسع بشأن زيارة محتملة إلى سجن “إيمرالي” حيث يقبع زعيم الحزب، عبد الله أوجلان، الذي يُعدّ محور عملية السلام.
دولت بهشلي، رئيس حزب “الحركة القومية” والشريك في تحالف “الشعب الحاكم”، أعلن استعداده للذهاب إلى “إيمرالي” للقاء أوجلان، مما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية. قال بهشلي إن الهدف من لقاء أوجلان هو تحريك عملية السلام التي أطلقها في تشرين الأول/أكتوبر 2024، داعيًا أوجلان إلى دعوة حزبه لحلّ نفسه وإلقاء السلاح. وأكد أنه إذا استعصى التواصل المباشر مع أوجلان، فلا يمكن تحقيق تقدم فعلي في العملية.
هذا الإعلان جاء عقب زيارة بهشلي للرئيس رجب طيب أردوغان في الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، حيث تطرقت المناقشات إلى مسألة وقف العنف وإنهاء وجود المسلحين، ما دفع إلى تساؤلات حول ما إذا كان اللقاء المرتقب بات مدعومًا من الرئاسة.
في جلسة اللجنة، التي كانت مغلقة، أبدى حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب” المؤيد للأكراد، طلب تشكيل وفد لزيارة أوجلان والاستماع إليه، في خطوة تعكس رغبة الأحزاب الكردية في استمرار الحوار. يأتي اجتماع البرلمان بعد إعلان حزب “العمال الكردستاني” سحب قواته من منطقة زاب الحدودية مع تركيا في شمال العراق، وهو تحرك وصفه الحزب بأنه سيكون له أثر عملي في دفع عملية السلام والديمقراطية في تركيا. وكانت هناك خطوات سابقة تشمل إعلان وقف إطلاق النار أحادي الجانب، وحرق الأسلحة في مراسم رمزية بجبل قنديل شمال العراق، وسحب كامل المسلحين من الأراضي التركية. إلى جانب ذلك، شنت قوات الأمن التركية حملة اعتقالات واسعة طالت 93 شخصًا على صلة بـ”حركة الخدمة” التابعة للداعية فتح الله غولن، بتهم تتعلق بالتخطيط للانقلاب الفاشل عام 2016، إضافةً إلى عمليات مشابهة في عدد من الولايات التركية اشتملت على ضباط عسكريين ومدنيين في 27 ولاية. وكانت قد بدأت، في آب/أغسطس الماضي، أعمال الاجتماع الأول للجنة الخاصة التي شكلها البرلمان التركي المعنية بحلّ القضية الكردية، لمناقشة تعديلات القانون والتشريعات الجديدة للتعامل مع القرار الذي أعلنه “حزب العمال الكردستاني” في 27 شباط/فبراير الماضي.
يُذكر أن حزب “العمال الكردستاني” بدأ تمرده المسلح في عام 1984، ومنذ ذلك الحين تحوّل هدفه من إقامة دولة مستقلة إلى المطالبة بحقوق أكبر للأكراد والحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا.في أيار/مايو الماضي، أعلن الحزب حلّ نفسه ونزع السلاح، مؤكدًا أنه أنهى مهمته التاريخية، مع البقاء ملتزمًا بمسار السلام.
هذه التطورات تعكس تحولات جوهرية في المشهد الأمني والسياسي التركي نحو إنهاء نزاع طال أمده، لكن الطريق لا يزال محفوفًا بالتحديات، لا سيما في ملف الحوار مع أوجلان وتعامل البرلمان مع مطالب الأحزاب الكردية واحتواء قضايا التنظيمات المسلحة الأخرى.