يفاجئنا الأبناء في كثير من الأحيان بتصرفات وسلوكيات وألفاظ غريبة قد تخرج عن حدود الأدب والتربية التي أنشأناهم وربيناهم عليها، وهو الأمر الذي يسبب للأهل الصدمة والذهول إلى درجة أن يقفوا عاجزين عن التصرف إزاء هذه السلوكيات، ما دفع بعض الآباء أو الأمهات إلى القيام بتوبيخهم وضربهم وعقابهم، وهنا البداية الحقيقية للمشكلة التي قد تتفاقم وتكبر دون أن يشعر الأهل بها، لأنهم لم يعالجوها بالطريقة الصحيحة والمثلى، بل على العكس من ذلك، فقد قاموا بسوء معالجتهم لها بزرع بذورها في نفوس وسلوك أبنائهم.
إن العلاج التربوي الصحيح الذي على الأهل القيام به إزاء مثل تلك الثقافات والتصرفات السيئة والغريبة عن قيمنا وأخلاقنا، والتي يلتقطها الطفل أو المراهق من أقرانه في الشارع أو في المدرسة ودون أن يعرف معناها أو دلالاتها في أحايين كثيرة، لا يكون بتوبيخ الطفل أو ضربه أو معاقبته، بل يكون بالاستماع له ومحاورته وإفهامه خطأه، وهذا من خلال شرح معاني تلك الألفاظ والسلوكيات الغريبة، وما هي السلبيات والسيئات التي تنطوي عليها، ومن ثم توجيهه وإبداء النصح له بعدم الإصغاء إلى من يتكلمون بألفاظ نابية وغير أخلاقية والابتعاد عنهم قدر الإمكان.
إن الإصغاء إلى أبنائنا من شأنه أن يخلق أجواء من الأمان لهم، وأن يزيل بيننا وبينهم كل الحواجز التي تمنعهم من البوح عما يعتريهم ويواجههم من مشكلات سواء في الشارع أو في المدرسة، وصولاً إلى إخبارنا بكل معلومة أو كلمة أو تصرف أو لفظ سمعوه وشاهدوه من رفاقهم وأقرانهم، وهو الأمر الذي يساعدنا على حمايتهم وتحصينهم من كل الثقافات والسلوكيات الغريبة والسيئة التي لا نريدها لهم، وبالتالي نكون الأسرع والأكثر تأثيراً فيهم من أي عوامل خارجية تهدف إلى نزعهم من المبادئ والقيم التي تربينا ونشأنا عليها.
عين المجتمع – فردوس دياب