الثورة اون لاين -د. مازن سليم خضور:
“بايدن – ترامب” هل تبدلت الأدوار حقاً، ام إن العملة بقيت واحدة و إن تبدلت الأوجه.
كيف ستكون السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه العرب، ماذا عن مراوحة القضية الفلسطينية في خطة المماطلة الممنهجة و القتل البطيء.
“امريكا” تاريخياً لم تغير من سياسة دعمها المطلق لكيان الاحتلال وإن اختلفت الأشكال، الرئيس الخامس والأربعون في سجل الرؤساء الأميركيين أو الرئيس “المهزوم” اتخذ مجموعة من القرارات الباطلة وفق القانون الدولي و الظالمة، شكلت صورة أمريكا القبيحة بشكل أوضح و غير مبالٍ تزامن مع فضائح عنصرية و نهج عنصري مفضوح قسّم الولايات المتحدة بشكل علني هذه المرة، لم يبقَ خلف تمثال حريتها و تجاوز حجارته بكثير.
هكذا بكل بساطة قرر ترامب فضح عنصرية بيته الأبيض خلال الأربع سنوات فقط، بينما حرص أسلافه على ألاّ يكون كذلك طوال السنوات السابقة رغم تقاطع الأفعال و النوايا. لم يرتجل الرجل ذلك بكل تأكيد.. هل أخطأت “حكومة الظل” في حساباتها إذاً ؟
و إذا كان كذلك.. ما هو “المخطط السري” و الذي لم ينجح ؟
مشروع “أمريكا القبيحة” حرب “البيض على البيض” و الانقلاب على المنظومة العالمية لم يكن مشروعاً ارتجاليا غير مدروس، تابعوا مواسم “The Simpsons” و غيرها من المشاريع التلفزيونية و الإعلامية خلال عقود ! هي أكثر من مجرد مصادفة، فشل “ترامب” لا يعني بكل الأحوال انتهاء المشروع أو التراجع عنه، حروب البيض ستُعيد “ترامب” نفسه أو “ترامب” آخر الموضوع يتجاوز القضايا المتفق عليها تاريخياً و منها العلاقة مع “إسرائيل” و قضايا المنطقة إلى شأن داخلي عميق يعيد ترتيب المجتمع و الدولة بما يتناسب مع المشروع الأكبر.. “أمريكا القبيحة”.
لا تصدق عاقلاً يفصل أيّ خطوة أمريكية عن مصلحة “إسرائيلية” بعيدة أم قريبة، مسبحة “التطبيع” حروب “إسرائيل” في اليمن و السودان و أذربيجان و تلك التاريخية مع إيران و البعيدة في فنزويلا و غيرها في عمق المحيطات وتلك السرية في المغرب العربي و أفريقيا تنفي بكل تأكيد فرضية المصادفة والارتجال بما يحدث من أحداث ووقائع.
القضية الفلسطينية والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال وتحديدا في “6 من كانون الأول” عام 2017 لم يكن له أن يكون بشكله القبيح لولا أن التخطيط المسبق و المدروس “للمشروع الكبير” قد بدأ.
إعلان الرئيس الأميركي “الخاسر” دونالد ترامب رسمياً الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان، والاعتراف بالسيادة “الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ثم قرار تقليص ميزانية المساعدات “الأمريكية” المقدمة إلى “الأونروا” تشديد الخناق على سورية وفتح باب “التطبيع” العلني لم يقدمه “ترامب” لأنه القادر الوحيد بل لأن “مشروع أمريكا القبيحة قد بدأ”.
“الولايات المتحدة” جمدت نحو 300 مليون دولار من أصل مساعدتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والبالغة حوالي 365 مليون دولار، ثم تم قطع المساعدات للسلطة الفلسطينية من قبل الإدارة “الأميركية” وتم تحويل المبالغ المخصصة لغزة ورام الله إلى أماكن أخرى من العالم حسب تصريح الإدارة الأميركية بذلك. هو ليس “استرجالاً” مفاجئاً بل ساعة صفر تم التحضير لها خلال سنوات.
“اسرائيل”
خطوات التمهيد الى التطبيع الواسع عبر تجميد وإضعاف الملف الفلسطيني لم يقف عند هذا الحد بل تم إيقاف دعم المستشفيات الباغ عددها ٦ مستشفيات في القدس المحتلة ثم تبعه قرار بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن وإغلاق الحسابات المصرفية للمنظمة أيضا في واشنطن ووصلت القرارات إلى طرد السفير الفلسطيني هناك.
ترافقت هذه القرارات مع سعي الحكومة الأميركية إلى تغييب القضية الفلسطينية وإبعادها عن محيطها العربي من خلال دعم صفقات التطبيع بين كيان الاحتلال وعدد من الدول العربية هذا الفعل جاء تتويجا لما سمي “صفقة القرن”.
أمام هذه القرارات والتصرفات يراهن البعض أن سياسات الرئيس المنتخب “جو بايدن” ستكون مختلفة عن سابقه و أن يعود بايدن إلى تأكيد أهمية حل الدولتين والالتزام بالمواقف السابقة للإدارات الأميركية عامة، وأهمية التفاوض بين جانبي “الصراع” والتواصل مع السلطة الفلسطينية، ويتوقع البعض أنه سيلغي بعض قرارات سلفه التي ذكرناها سابقا لكن لن يلغي نقل السفارة وسيلجأ إلى إيجاد حلول أكثر تقبلاً من قبل الفلسطينيين ولكن بكل تأكيد تصب في نهاية المطاف في “بالوعة” مصلحة كيان الاحتلال وسيواصل ما بدأه سلفه في تشجيع التطبيع العربي الإسرائيلي.
إذا قد يكون هنالك أثر إيجابي للإدارة الجديدة، تمّ التخطيط له بهدف العمل على فصل خطوات “ترامب” عن الذاكرة وإظهارها على أنها ارتجالاً بينما شكلت في حقيقة الامرة، النواة الأولى للمشروع الكبير “امريكا القبيحة”،لذلك لا اختلاف جوهريا إذا بين “الحمار و الفيل” بما يخص دعم الكيان، هذا الدعم هو التاريخ للحزبين الديمقراطي والجمهوري وبالتالي على العرب و الفلسطينيين إن أرادوا فعلاً تحقيق دوراً وازناً في المنطقة، أن يعملوا في البداية على توحيد صفوفهم والتوجه نحو المصالحة و وأد الخلافات فيما بينهم قبل التعويل على الوجه الجديد لحكومة الظل في بلادٍ دفنت أصحاب الأرض.. هل تتذكرون “الهنود الحمرا” !