الثورة أون لاين – بشرى فوزي:
تعتبر المراهقة أهم مراحل نمو الطفل وتطوره حيث تنقله من مرحلة لأخرى وهي العمر الفاصل بين الطفولة والنضج أو الرشد وتمتد مابين ١١ حتى ٢١ عاماً في بدايتها ونهايتها وتختلف حسب كل شخص. حيث ترتبط بالمجتمع والبيئة والجنس (ذكر أو أنثى ) والظروف المحيطة وغير ذلك . منار والدة لشاب مراهق تروي قصتها بألم حيث تعاني بشدة من سوء معاملة زوجها لابنها وعدم تقديره لكونه مراهق فهو على حد قولها لايعلم مدى دقة وأهمية هذه المرحلة، كما يلجأ لمقارنة مراهقة ابنه بمراهقته علماً أنّ الفارق الزمني بين الأب والابن يتجاوز أربعة أجيال ،كما تؤكد أن للتحصيل العلمي دورا في فهم هذه المرحلة منوهة أنّ الأب لايتابع تحصيل ابنه الدراسي على الرغم من كونها مدرّسة وتحاول التوفيق بين الأب وابنه وتقريب وجهات النظر ولكن بلا جدوى حسب قولها حيث يعتبر الأب هذا الأمر نوعا من (الفزلكة) ويجب على الابن أن يكون مطيعاً بدون اعتراض. من قبل المراهق وعليه ألا يعارض أي شيء يقوله والده معللاً الأب ذلك بقوله لم يكلمني أبي يوماً بل كان ينظر إلي فقط وبنظرته كنت أفهم ماذا يريد. وتكمل السيدة قصتها قائلة بدأت مشاعر البعد وعدم الرغبة عند ابني بلقاء والده تكبر وهي تحاول دائماً تقريب وجهات النظر بين الطرفين ولكن لم تنجح حتى الآن وأضافت أن زوجها قاسي الطباع لايعرف كيف يتقرب من ابنه فهو كثير النقد في كل التصرفات وأبسط التفاصيل بينما ابني في سنٍ حرجة وبحاجة لرعاية أكثر من طفل رضيع . وتساءلت كيف يمكنني تحقيق التوافق ؟ علماً أنّ ابني في الصف التاسع (شهادة) وهي مرحلة صعبة حيث يحاول المراهقون التمرد على العادات والتقاليد والأسرة والأهل حسب قولها.
أمّا فراس /١٦/عاما فقصته مختلفة حيث تحدث بمحبة عن والده الذي تغير فجأة وبدأ يتقرب إليه بكل ودّ قائلاً أخذ أبي بالتقرب مني وهو الآن صديقي حيث أروي له كل مايعترض طريقي من مشكلات وعثرات مهما كبرت أو صغرت معتبراً والده صديقه المقرب جداً حيث يستطيع أن يبوح له بكل مافي جعبته من حكايا وأسرار على حد قوله مردداً عبارة (إن كبر ابنك خاويه)على عكس والدته التي اعتبرها قاسية بعض الشيء بالرغم من طبيعة الأم المعروفة بالحنان المتدفق والأحاسيس الفائضة إلا أنها توبخه كثيراً وتنقد تصرفاته التي تصفها بغير المسؤولة معتبراً أنّ والده هو صديقه واخاه وبيت أسراره إلى جانب اثنين من رفاقه في المدرسة يثق بهما أيضا. وبحسب المرشدة النفسية خلود عيسى تعد المراهقة مرحلة فريدة وتكوينية فهي تمثل مفصلاً هاماً في تشكيل أفكار الطفل وتحويلها إلى ناضجة وتأتي أهمية هذه المرحلة من مرورها جنباً إلى جنب مع فترة دقيقة وحساسة وهي مرحلة الدراسة حيث تشمل فترة المراهقة أهم مراحل دراسة الطفل المراهق وهي شهادتا التعليم الأساسية والثانوية العامة فهي من جهة فترة حاسمة لتطوير عادات اجتماعية وعاطفية مهمة للسلامة النفسية والحفاظ عليها ويشمل ذلك اتباع أنماط نوم صحية وممارسة الرياضة وتطوير مهارات حل المشكلات والتأقلم مع الآخرين وكيفية إدارة العواطف وغير ذلك ومن جهة اخرى مرحلة حاسمة تحدد مدى قدرة الطفل على اجتياز هذه الفترة بنجاح دراسياً وتبين عيسى أنّ للأسرة دوراً كبيراً وهاماً في هذه المرحلة حيث تعتبر الملجأ الأول للمراهق فهي بيته ومكان استقلاليته وذلك مرهون بكيفية تعامل الأهل مع المراهق حيث يسعى اليافع في هذه الفترة الحرجة كما قالت للحصول على استقلاليته الكاملة محاولاً الحصول على هوية مستقلة عن آبائهم وأسرهم وذلك في ظل مجتمع محافظ يرفض فكرة تمرد المراهق على محيطه وابتعاده عنه، وهنا يبدأ التناقض بين رغبات المراهق ورغبات أسرته وبيئته فمن جهته يرفض القيود المفروضة ويتمرد
بشكل واضح على كل من يحاول السيطرة عليه .
وأكدت المرشدة النفسية أنّ المراهق يسعى لاكتشاف هويته الجنسية ويرغب في الوصول للتكنولوجيا واستخدامها بعمق وفوضى وهنا تزداد صعوبة التقرب منه خاصة في ظل التطور والانفتاح الذي حصل فقد ساهمت وسائل التواصل في زيادة عزلة المراهق وإبعاده عن أسرته ومحيطه، مضيفة أنّه غاية في الأهمية البعد عن المعاملة القاسية من قبل الأبوين مع التأكيد على ضرورة التقرب منه بشتى الطرق مشددة على أنّ إهمال المراهق أو البعد عنه ومعاملته معاملة قاسية قد تؤدي لنتائج لا تحمد عقباها حيث يعتبر المراهق بيئة خصبة مناسبة لاستقطاب الأفكار وتبنيها واعتبارها نمط حياة لذلك ومن الضروري التقرب من المراهق واستيعاب تقلبات أفكاره وتغيرات جسده ومحاولة تبسيط كل تصرفاته ومعاملته كشاب ناضج يُعتمد عليه وفي ذلك محاولة لشده إلى طرف الأسرة والأفكار الصحيحة وإبعاده بالتدريج عن كل ما يعكر صفو مزاجه حسب قولها وأضافت يجب على الأهل الانتباه إلى أنّ المراهق يسعى لتكوين شخصية مستقلة عنهم وتشجيعهم على اتخاذ القرار وفي ذلك محاولة لكسب ودهم للبعد عن التمرد الذي يتصف به المراهق لأبعد حد حيث تُحدث هذه المرحلة مجموعة كبيرة
من التغيرات النفسية والجسدية وتنقل الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضوج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي.