رابطة الشعاعيين السوريين..جهود مضنية في ظروف الكورونا والحصار.. ٣٠ % من أقسام الأشعة أغلقت بفعل الإرهاب
الثورة أون لاين – تحقيق غصون سليمان:
ربما قلة منا لم تخضع لإجراء صورة شعاعية، وربما معظمنا قد رافق أحد أفراد أسرته أو أصدقائه وأقاربه لأحد المشافي والمراكز الصحية نتيجة ظرف صحي طارئ، وكثير من الحالات يطلب فيها إجراء صورة شعاعية لتشخيص وعلاج مكامن الوجع والألم.
فما هو واقع التصوير الشعاعي في سورية وما هي الصعوبات التي يواجهها بعد عشر سنوات من حرب عدوانية دمرت ٣٠% من عيادات الأشعة الخاصة ناهيك عن أقسام الأشعة في المشافي والمراكز الصحية العامة والخاصة في العديد من المدن والمحافظات.
وما دور رابطة الشعاعيين السوريين، وكيف توصف نشاطاتها وتحدياتها من خلال التعاون الدائم مع البورد السوري لاختصاص التصوير الطبي الشعاعي حيث تقوم بنشاطات مختلفة على مدار العام.
الدكتور ياسر صافي علي رئيس قسم الأشعة في مشفى الأسد الجامعي أوضح في لقاء معه أن المجلس العلمي لاختصاص طب الأشعة هو المسؤول عن الاختصاص من ناحية تأهيل الطلاب كي يحصلوا على اختصاص التصوير الطبي الشعاعي على مستوى وزارة الصحة وحتى يكون الطبيب مختصاً يجب أن يجتاز السنوات الأربع من التدريب على مستوى القطر، وهذا ما يطلق عليه نظام الإقامة والذي يجري خلاله دورات عملية ونظرية وامتحانات في السنوات الأولى والأخيرة، ومذاكرات أثناء التدريب. وأشار الدكتور علي حول الهموم والصعوبات التي تواجه عمل القائمين على هذا الاختصاص ولا سيما خلال سنوات الحرب العدوانية على بلدنا حيث أصبح وضع التدريب في حدوده الدنيا لا سيما في القطاع العام ما دفع المعنيين بهذا الاختصاص إلى التشبيك بين القطاعين العام والخاص لترميم معلومات وقدرات الأطباء وخاصة في بعض المحافظات كحمص وحلب على سبيل المثال لا الحصر التي دمرت فيها معظم المشافي والمراكز الصحية، ولكي يستمر الطبيب في عمله في المناطق مقطعة الأوصال كان لا بد من الاتفاق معه من خلال مواقع خاصة تم اعتمادها للتدريب لإيصال المطلوب له من المعلومات في الاختصاص الذي يعمل عليه لخدمة المريض.
وأوضح الدكتور علي بمثال على ذلك أنه إذا لم يتوفر جهاز طبقي محوري في حلب أو حمص وغيرها ليتدرب عليه الطالب، فلا شك أن هناك مشكلة ،إذ لا يجوز للطالب أن يتقدم للامتحان إن لم يكن لديه الحد الأدنى من المعلومات في الجهاز والاختصاص.
ونتيجة للظروف القاسية خلال السنوات العشر الماضية أخذ العمل مساره ضمن استراتيجية وطنية كما يقول الدكتور علي استخدمت فيها طريقة النت من خلال وجود برامج متوفرة لتصنيف ندوات تعليمية، تدريبية، نظرية، ويمكن تقديم هذه الندوات بطريقة عملية وفق الحاجة من خلال برامج” الزوم” والذي يمكن عبره فتح عدة صفحات مرئية ومسموعة متبادلة من خلال التشبيك، وبالتالي يسهل العمل والتواصل مع جميع المجموعات المتفق عليها والراغبة بالعمل.
وذكر رئيس قسم الأشعة أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية تم إقامة خمسة عشر محاضرة، استفاد منها مئة مشترك تفاعلي، حيث وفرت هذه الطريقة الكثير من الأعباء المادية والنفسية من ناحية التنقل على الزملاء الطلبة. ولاقت هذه الطريقة صدى طيباً وإيجابياً حسب رأي وانطباع المشاركين الذين خرجوا من هذه التجربة العملية.
والأمر المريح الآخر الذي ذكره الدكتور علي أنه تم تسجيل جميع المحاضرات ووضعت على مواقع اليوتيوب والفيس بوك، ليسمح لمن يريد الاستفادة منها والاطلاع عليها ومشاهدتها.
وأضاف: نحن كمجلس بورد ورابطة الشعاعيين السوريين رأينا هذه الطريقة مجدية وغير مكلفة والأهم أنها طرحت بطريقة مجانية شارك فيها رئيس رابطة الشعاعيين اللبنانيين، وآخرون من فرنسا، ومجموعة عشتار المشاركة بقوة في هذا النشاط التفاعلي.
ولفت الدكتور علي إلى القدرة والإمكانية لعمل ملخصات عن المحاضرات وطباعتها وتوزيعها، بعد أن بات من الصعب اليوم إقامة مؤتمر مركزي في ظروف الكورونا وما سببته من صعوبات ومشاكل، إلى جانب أعباء التنقل والأجواء غير الآمنة لبعض المناطق والطرقات.
*عناوين تخصصية..
وحول العناوين التي طرحت بشكل ممنهج في المحاضرات التفاعلية ذكر بأن التركيز كان حول الأشعة الهضمية،الأشعة العصبية، أشعة الأطفال، ودور التقنيات من تصوير ايكو، طبقي محوري، رنين، أشعة إكس، ودور كل هذه التقنيات في طب الأطفال، العصبية، النسائية والتوليد،
فأخصائيو التصوير بالأشعة هم جزء من الطاقم الطبي وقطاع الرعاية الصحية في المؤسسة الطبية كجزء من عملهم، و يقوم هؤلاء بشكل مستقل بإجراءات تشخيصية وعلاجية معقدة للغاية تتطلب خلفية نظرية واسعة وتدريباً سريرياً مُثبتاً وقدرات تقنية عالية.
فالاستراتيجية التي تعمل عليها الرابطة هي تغطية كل اختصاص من الأشعة المذكورة كالهضمية والعصبية على سبيل المثال حتى نهاية الطريق ليبدأ العمل باختصاص آخر ضمن الإمكانيات المتوفرة و الموجودة. ولا سيما أن الجميع اليوم يعتمد الطريقة الالكترونية عبر “كوكل ميتنغ، زوم ميتنغ”.
لكن المشكلة الحقيقية التي تواجه آلية العمل الناجحة والمنظمة بين المجموعات التفاعلية حسب تأكيد الدكتور علي هي ضعف النت الذي يؤثر على عملية التواصل. وللتخفيف من هذا الواقع تم شرح واقع العمل مع نقابة الأطباء المركزية بدمشق وإخبارهم بكل الصعوبات فتم إعطاء القائمة المجانية وهي المطلوب لاستفادة المتدربين من المحاضرات القيمة والتي لا تقدر بثمن، فهي ثمرة جهود لمحاضرين متميزين ومشهود لهم في الوسط العلمي.
*واقع مرير..
وحول واقع طب الأشعة في سورية والصعوبات التي تواجه هذا الاختصاص فند الدكتور علي المعاناة بأنها تكمن بواقع الأجهزة وصيانتها والتكاليف العالية للإصلاح. فجهاز الأشعة يستورد بالعملة الصعبة، ونظراً لظروف الحصار الجائر بحق بلدنا من الصعب تلبية الطلب بالإصلاح في حال تعطل الجهاز، علماً أن أغلب الأجهزة التي تعطلت يصعب إصلاحها لضعف الإمكانيات أولاً، وتكاليف الصيانة ثانياً، وعدم قدرة المواطن المراجع مادياً.
والحل المقترح برأيه كرابطة للشعاعيين السوريين، أن يتفق مجموعة من الأطباء على أن يعملوا بعيادة واحدة ويتعاونوا كشركاء، إذ من المستحيل أن يفتح كل طبيب عيادة خاصة به في الوضع الحالي، وهذا ليس عندنا فقط، وإنما في العديد من دول العالم توجد هكذا مجموعات، تعمل مع بعضها البعض للضرورة.
مناورات الصيانة..
وفيما إذا كان هناك نقص بكوادر الصيانة، كان الجواب من قبل رئيس قسم الأشعة، أنه في حال توفر الكادر، فإن سعر قطع الغيار مرتفع جداً، مع وجود معاناة وصعوبات مضنية في تأمينها سواء أكانت عن طريق دول الجوار وغيرها، حيث الجميع يرفع ضريبة الدفع للقطعة المستوردة أضعافاً مضاعفة،
إذاً المشكلة هي الصيانة، والأسعار العالية، فيما الأجور قليلة لا تتناسب مع سعر الأجهزة وصيانتها وحتى تكلفة الأفلام.. مؤكداً أن ٣٠ %من العيادات الخاصة أغلقت بسبب الأذيات التي تعرضت لها الأجهزة نتيجة التدمير والتخريب بفعل المجموعات الإرهابية المسلحة. مع ملاحظة وجود تجربة كانت رائدة في محافظة درعا لمجموعة من أطباء الأشعة في مركز واحد.. فيما التجربة الأغنى والأهم هي مشفى الكندي الذي دمره الإرهابيون وكان فيه قسم يضم أفضل الأجهزة الخاصة بالأشعة على مستوى العالم.
لكن يبقى الأهم من الآلة اليوم هو تأهيل الأطباء وأين يجب أن يعملوا في هذه الظروف، حيث يفضل الدكتور علي تأمين عمل هؤلاء في القطاع العام الصحي كما هو معمول في الهيئات الطبية وفي كل الأقسام.
فإذا ما تأمن لأطباء الأشعة الحد الأدنى من المعيشة فهم ليسوا بحاجة لفتح عيادة خاصة لعدم إمكانية ذلك. ورغم كل ذلك فإن للتفاؤل مساحة كبيرة في نفوس العاملين بهذا الاختصاص إذ لا مجال للإحباط أو الاستسلام للظروف مهما كانت قاسية.. وتبقى إرادة السوريين وحبهم لبلدهم هي الأقوى.
أخيراً يمكن القول إن مصطلح التصوير التَّشخيصي الطبي يشير إلى التقنيات والعمليات المستخدمة للحصول على صور للجسم البشري للأغراض التشخيصية، العلاجية أو البحثية. وهو يعتبر فرعاً من التصوير البيولوجي الحيوي ويتعاون بشكل كبير مع علم الأشعة، التنظير الداخلي، التصوير الحراري.