الثورة أون لاين – عمار النعمة:
حفل العدد الجديد من مجلة الحياة السينمائية الفصلية برقم 105 عن شتاء 2021 ، والتي تصدر عن وزارة الثقافة – المؤسسة العامة للسينما بالعديد من الموضوعات نذكر منها : (الأبعاد المثيرة لفعل النقد وفلسفته ، منامات سينما الدنيا ، سمر سامي : ذلك الجمال التعبيري الآسر ، السينما والأدب السوري ، كأنك تخلط الزيت بالماء ، صورة عنترة وعبلة في السينما والتشكيل ، الخ …) .
وكتب محمد رضا في دراسته (الأبعاد المثيرة لفعل النقد وفلسفته فقال : لابأس إن اعترفنا أننا في العالم العربي اقتبسنا كل شيء سينمائي من الغرب ، ذلك يتضمن النقد السينمائي ، نعم يعود تاريخ النقد السينمائي إلى مطلع الخمسينات ، لكن النقد السينمائي الغربي يعود إلى مطلع العشرينات ، وهو ليس عملية لايستطيع أحد أن يتناقل مكوناتها وعناصرها من ثقافة إلى أخرى ، هذا مردّه إلى أن الفيلم هو لغة واحدة سواء أكان معروضاً للصينيين أو للفرنسيين ، للعرب للأمريكيين ، للأفريقيين أو اللاتينيين .
بدورها هالة صلاح قدمت قراءة وافرة في فيلم (غيوم داكنة) حيث أشارت أنه بعد عامين على تحقيقه فيلم أمينة يقدم أيمن زيدان بكل مايملكه من حب وغضب وألم ، في فيلمه الروائي الطويل الثاني غيوم داكنة لوحة بصرية مدهشة وشديدة الحساسية بما تحمله من تفاصيل هائلة تتراكم وتصنع مشاهد منغمسة بمشاعر مؤثرة ومواقف صادمة ، تختصر الحالة السورية المترعة بالشجن والحزن حالة مبعثها الحرب والدمار الذي استشرى في أوصال البلد وداهم أرواح البشر ، أتكأ فيها زيدان على طراز بصري خاص بها ، يكشف جغرافية الموت والحياة في واقع تعيس ، نراه في أطلال البيوت وظلالها القلقة على الشوارع ، كما نلمسه في محاولات لإعلاء الشأن الإنساني والحياتي خلال مضمون ملتبس الأبعاد الدرامية والجمالية ، ومتوغل في مأزق الفرد السوري الناتج عن الحرب .
في حين كتب بديع صنيج بورتريه عنوانه (سمر سامي ذلك الجمال التعبيري الآسر) فرأى أن الفنانة سمر سامي لاتشترك في أي عمل مالم يكن يعنيها ويقلقها ، وهذا ما يساعدها على أن تبث الحياة في جميع أفعال الشخصيات أثناء تخيلها ، واضعة حجر الزاوية في إرضاء إحساسها بالصدق فيما تمثله ، ومن ثم إيقاظ مشاعر الشخصية بأقصى درجة من العفوية والتلقائية ، يدعمها في ذلك عنايتها بأدق التفاصيل الجسمانية والروحية ، وإضافة لذلك خروجها من ذاتها وتقمص دور المشاهد ومحاكاة انطباعاته لأدائها ، وإذا بها الذات والموضوع في آن .
وأضاف : تنطوي تجربة سامي كممثلة على جرعة عالية من البساطة والعفوية ، وكأنها لم تغادر تلك الطفلة في حي الخالدية تُراقب بصمت وتختزن مشاهداتها وقراءاتها لتعيد تدويرها في أحاسيسها وتوظيفها في شخصية ما ، إذ لاتبخل على نفسها كممثلة وتجترح الحلول باستمرار لما تجسده أمام الكاميرا لدرجة أنها تعيد كتابة بعض شخصياتها ، لتكون بالشكل الأمثل .
أما حكيم مرزوقي قدم ملفاً بعنوان (كأنك تخلط الزيت بالماء!!) فتحدث أن الكتابة الأدبية شيء ، والصناعة الفيلمية شيء آخر ، أما أن يقع “التزاوج والمصاهرة” بين هذين الجنسين المختلفين وبنفس المزاج في القبول والتلقي فهو أمر يشبه خلط الزيت بالماء.
متعة المشاهدة تختلف عن متعة القراءة ، ولاينبغي المقارنة بين آليتين للتلقي ، فلكم أصيب قراء كثيرون بإحباط شديد عند مشاهدة المواد الورقية التي سحرتهم وهم يقرؤونها في أجواء رائقة وقد تحولت إلى مادة فيلمية تجسدها شخوص غير تلك التي في أذهانهم لحظة القراءة .
يمتلك كل واحد منّا داخل تلافيف دماغه أثناء قراءة أي أثر أدبي ، “مخرجاً صغيراً” يوزع الأدوار ويختار الثياب والألوان والأمكنة بعناية فائقة ثم يأتي من “يتعسف ” على خياله فيخلط أوراق اللعبة و”يشوه” الصورة التي سجلتها عدسة خياله ليحولها إلى مقترح بصري لايرضي ماكينته الإخراجية أثناء القراءة التي تشبه الكتابة الثانية
كثيرون هم الكتاب والروائيون الذين حضروا أول عروض أعمالهم المتحولة إلى السينما وقد صرخوا غاضبين محتجين بين حشود المتفرجين : هذه ليست أعمالنا