الثورة أون ﻻين -آنا عزيز الخضر:
مع كل موعد جديد تجربة جديدة، ومع كل محطه تالية حالة ابداع مختلفة ،نتعرف على تفاصيلها وتاريخها وشكلها ومراحلها.. تتجدد العوالم مع جديدها ،والطروحات مع كل لقاء فيها ،فتتحف متابعيها بتجارب متنوعة ومختلفة، ينتظرونها دوما.. انها الندوة المستمرة في مشهدنا الثقافي منذ سنوات وسنوات ،إنها ندوة (كاتب وموقف) الذي يعدها ويديرها( عبد الرحمن الحلبي) والتي عودت جمهورها على الابحار في عالم الابداع السوري ،ومجاﻻت الادب في مختلف حقوله، رواية وقصة وشعرا وترجمة..أما موعدها الاخير كان مع الاديب حسام الدين خضور، حيث تابع الجمهور تجربته الادبيه وعالم الترجمة الذي قدم خضور عبرها اعمالا عديدة، فاستطاعت الندوة بإدارتها المتميزة عبر محاورها الكثيرة المرور على مساحات واسعة في عالم الكاتب، بدءا من البدايات الى الاشكال الادبية والبنيات الادبية ،التي تم العمل بها ثم المراحل المختلفة لرحلة الادب تلك.. وغيرها الكثير من التفاصيل والمفاصل كما تم المرور على مصادر الالهام التي وجهت اعماله وغيرها الكثير، كما تحدث الكاتب عن تجاربه وتأثره دائما بالواقع الذي اسبغ على نتاجاته شكلها الخاص… ومن بين المنتدين الذين تحدثوا بإسهاب حول تجربة حسام الدين خضور ،كان الكاتب أحمد علي هﻻل وقد تحدث بشكل موسع عن خصوصية التجربة ، فوصف التجربة بدقة بكل مجاﻻتها، وتعمق في توصيفها وقراءتها، مقدما موجزا متميزا ، فلخص تلك التجربة بكثير من الدقة والعمق والاحاطة بعين الكاتب والناقد فقال:
هو كاتب متعدد لكنه الأكثر اخلاصاً لما تشي به التجربة بفضاءاتها المفتوحة، والتي لا يمكن اختزالها ببعد أحادي، قاص وروائي ومترجم لعل الترجمة في ما أضافت لوعيه من مآثر ومنظومات معرفية، فضلاً عن علاقة نصوصية تركت أثرها جلياً في علاقته بالأجناس الإبداعية انفتاحاً في الدلالة وتأصيلاً لوعي أدبي تواشج بالتجربة كما الانفتاح على دالاتها القصية، أي في التقاط المعادل الوجودي والإنساني، وهذا ما سوف ترهص به مقولاته الحكائية والتقاطاته الواقعية بقدر محسوب من التخييل، منذ أن كتب روايته الأولى (وباء السلطان وما تلاها من رواية ثانية العودة من الأبدية) كما أعماله القصصية (عربة الذل، ليس في الجنة قبور) فضلاً عن أعماله المترجمة وآخرها (النمر الأبيض)، سيتضح لنا مفهوم الأديب والقاص والمترجم حسام الدين خضور للقصة القصيرة الحديثة -على سبيل المثال- من أنها للقراءة فحسب، كما مفهومه لحوامل قصصه الاجتماعية والفكرية والأخلاقية، فهو الحامل الرسالي الذي يعكس مقاربة الأديب لهواجس مجتمعه ومعاناته على المستوى الإنساني بامتياز، الرسالة التي تحمل أفكاراً مختلفة تمثل رؤية من الذات والعام والآخر، لعل في متون رواياته التي تعتمل فيها الواقعية ،لكنها الواقعية بلا ضفاف والتي لا تقوم على محاكاة الواقع حسب ما ذهب إليه أفلاطون في نظريته للمحاكاة، بقدر ما تعكس وعياً نقدياً يشي بضرورة الاختلاف لا التماثل، وبالجهر بالمسكوت عنه لاسيما على المستوى الأخلاقي، تدلل مجموعته الأخيرة الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب (ليس في الجنة قبور) على أصالة هواجسه المفتوحة بصدد ما يعتور الوطن من تحديات، ووصولاً إلى إنسان هذا الوطن بعيداً عن المثالية، فواقعية حسام الدين خضور هي واقعية نقدية بامتياز على مستوى شخوصه الأكثر تمثيلاً للواقع، وعلى مستوى مقولاته الحكائية التي يقارب بها أزمات وجودية وإنسانية لعلها تشرح معنى السجن الكبير خارج المفهوم الضيق للسجن وبحواريات الأفكار التي تمثل اتجاهات مجتمعية مختلفة، لكنه المنحاز للإنسان في توسله شرطه الإنساني، في مقابل واقع موضوعي يعصف بأحلامه، وانطلاقاً من الممكنات الإبداعية التي تبتعد عن البلاغة الشكلية والتنميق الفائض، يذهب –خضور- إلى بلاغة المحكي القصصي/ الروائي في سعيه للقبض على ما هو جوهري، ما يعني بخلاصة غير منتهية غير قابلية للدرس النقدي من أن يستقرىء –هذه الواقعية- بجدلياتها وارتباطها بموضوعاتها الأثيرة الأكثر ايحاء بنضارة الواقعية وأمثولاتها، عبر شبكة من المحمولات الدلالية التي يشي بها خطابه القصصي والروائي الإبداعي بسماته وخصائصه البنيوية، المتطيرة بأصالة محكيها السردي إلى تعزيز الشرط الإنساني وعياً وثقافة وعبر لغة مكثفة شديدة الاقتصاد والمحمولة أبداً على المعنى المفتوح.