الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:
ذكر الكاتب ستيفن ورذم في مقال له بصحيفة “نيويورك تايمز” أنه في حال إحجام بايدن عن مواجهة تحديات السياسة الخارجية، فإنه سيكرر ذات الأخطاء التي وقع بها سلفه.
واستطرد الكاتب يقول بأن الرئيس بايدن ما انفك يكرر شعار “عودة أميركا” في كل خطاب سياسي خارجي يدلي به منذ تسلمه مقاليد السلطة، وأن تلك الأقوال ترمي إلى العودة بأميركا لقيادة العالم، وهذا يؤكد سعي أميركا إلى تنظيم العالم وفقا لأهوائها متذرعة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
وتساءل ورذم إن كانت إدارة بايدن تسعى لجعل أميركا أقل عنفاً في العالم، وخاصة أن رؤية بايدن تقوم على تقسيم الدول إلى حلفاء وخصوم.
وقال الكاتب أيضا إن بايدن حقق تقدماً ملموساً عندما أوقف دعم واشنطن “للعمليات الهجومية” في اليمن، ومبيعات الأسلحة إلى السعودية، متراجعاً عن السياسة الخرقاء التي بدأها باراك أوباما وعززها ترامب، فضلا عن تصريحاته للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران تحسباً من خوض حروب في المستقبل وإن لم تنفذ حتى الآن.
وتعرض الكاتب إلى ما قاله بايدن من عبارات تدل على تغيير محمود عن العبارات العدائية لترامب الذي فرض عقوبات صارمة على إيران وفنزويلا، وترك مئات القوات في سورية “للسيطرة على آبار النفط فقط”، ورأى أنه رغم خطابات بايدن فإنه من غير المعلوم إن كان سيختلف عن سلفيه من الحزبين، فترامب أخذ بتصعيد العديد من النزاعات، غير أنه تجنب الخوض في حروب جديدة، ومهد السبيل لإنهاء الحرب في أفغانستان.
علاوة على ذلك، أوضح الكاتب أن شيفرة الهيمنة العسكرية الأميركية على العالم تقوم على عبارة “الليبرالية الدولية” التي باتت مصدراً للكوارث السياسية الخارجية، وفي حال لم يلجأ بايدن لتحدي تلك الفرضية فإنه سوف يكرر الأخطاء ذاتها في عالم بات أكثر تنافساً، وفي هذا السياق، يستذكر الكاتب ما قاله جورج دبليو بوش عند استعداده لغزو العراق: “سنحمل على عاتقنا مسؤولية الدفاع عن الحرية الإنسانية ضد العنف والعدوان”، ولكن ذلك الغزو أودى بحياة مئات الآلاف من العراقيين”.
أشار الكاتب إلى أن الرئيس الحالي يحاكي في تصرفاته ما ذهب إليه باراك أوباما الذي تولى منصبه ولاقى الثناء لاختلافه عن سلفه، وإعلانه في عام 2012 أيضاً عن “عودة أميركا”، بيد أنه خاض في ولايته الأولى حرباً كارثية في ليبيا بذريعة بناء الأسس الإنسانية والحيلولة دون إراقة الدماء، موضحا أن الوقوف مكتوفي الأيدي كان من شأنه “تدنيس ضمير العالم”، غير أن الواقع قد أكد بأن التدخل أدى إلى حرب في ذلك البلد وتدمير وفوضى وإرهاب وعبودية، ولم يكتف أوباما بما تسبب به من دمار وخراب، بل وسع الحرب من خلال تقديم طائرات مسيرة وقوات خاصة.
واستطرد الكاتب إن نخب السياسة الخارجية برعت في تقديم مبرراتها للقيام بالهيمنة المسلحة على غرار التذرع بوقف المجازر في التسعينيات، ونشر الديمقراطية في مطلع القرن الحالي، وكان آخرها الادعاء بردع ما سمته استبداد النفوذ الصيني والروسي.
وإزاء ما تقدم، رأى الكاتب أنه ينبغي على بايدن إجراء تغيير عما نهج إليه أسلافه، وألا تعود أميركا إلى سابق عهدها، لاسيما أن الرئيس الجديد قد أوعز بمراجعة الحسابات العسكرية الأميركية، والعمل على إعادة القوات المنتشرة في سائر أرجاء العالم التي يناهز عددها 200,000 جندي، ومن ثم العمل على إبعاد أميركا عن النزاعات الإقليمية، بالإضافة إلى ذلك، فإنه بإمكان الرئيس إنهاء الحرب الأميركية في أفغانستان، وتنفيذ اتفاق الولايات المتحدة المتعلق بالانسحاب، كما يجب عليه إنهاء الحرب على الإرهاب، وبناء السلام مع كوريا الشمالية عوضا عن محاولة نزع السلاح النووي، وإبلاغ البنتاغون أن “منافسة القوى العظمى” لن تنظم العلاقات مع الصين وروسيا، وعندها يمكنه الوفاء بالتزاماته، وتنسيق التعاون لمجابهة التهديدات العالمية الرئيسة على غرار الأمراض الوبائية وتغير المناخ ما ينعكس إيجاباً على حياة الشعب الأميركي.
وأنهى الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن المهمة التي تقع على كاهل بايدن والجيل الجديد لا تكمن باستعادة قيادة أميركا للعالم، بل قيادة أميركا إلى موقع جديد في العالم.
المصدر: نيويورك تايمز
