الثورة اون لاين – غصون سليمان:
إذا كان الإنسان عدو ما يجهل فعليه أن يكون على الأقل حكيم نفسه، مدركا ومهتما، وباحثا، في محراب لغة العقل التي لاتقبل التشويه أو التحوير وتمرير الغياب لأي عنصر من عناصر المعرفة على جميع المستويات الوطنية، سيما وأن حرب المصطلحات الوافدة التي سعت إليها مطابخ الليبرالية المتوحشة لتعليبها وتقديمها وجبات دسمة للشعوب المستهدفة ومن ضمنها مجتمعنا السوري وبلدنا المقاوم، حيث أخذت أدواتها الخبيثة تعمل و بشكل ممنهج على كي الوعي عند الإنسان العربي بشكل عام والسوري بشكل خاص من خلال تسويق الشعارات المشوهة والعناوين المستمرة في بثها لسموم التفرقة وتحجيم الناس الأصلاء المنتمين إلى أرضهم وترابهم ، وتعويم المنافقين،والعاقين، والضالين، والنفخ في نفوسهم المريضة وجيوبهم الممزقة، ورتقها من خلال شراء الذمم والتعويل على عمالتهم وخيانتهم لوطنهم بأبخس الأثمان .
لقد حاولت الليبرالية المتوحشة،صنيعة الغرب ومنذ سنوات طويلة أن تتسلل بخيوط ناعمة حينا وغليظة في أحيان كثيرة، إلى محيط جغرافية الإنسان وتاريخه وفلسفته في الحياة، مبتدعة عشرات البرامج من طراز البحث في التسويق الهادف إلى تضليل الصورة والنظرة في لغة الجسد والإشارة، ومفاهيم التنمية الفكرية ،ومنح الطاقة ، وتعزيز مغريات الموضة في الطعام والشراب واللباس، وأسر القيم والسلوكيات والتقاليد الاستهلاكية وايقاعها السليم والصحيح كعادات جميلة وأسلوب حياة متوازن للأسرة والمجتمع على السواء .
لاشك أن جيش المنحرفين أخلاقيا وفكريا من المتطوعين من المنتجين والمترجمين لأفكار وبذور نظرية الليبرالية الحديثة العابرة للقارات و الشركات والبنوك النقدية، قد أثمرت في كثير من المطارح على مستوى شعوب العالم كما قال سيد الوطن في كلمته الجامعة بجامع العثمان حين عملت على تفتيت الأسرة بحيث يصبح كل فرد من أفرادها بمثابة غريب عن الآخر رغم أنهم من رحم واحد وبيئة واحدة .كل ذلك بهدف ضرب القيم والمعايير الأخلاقية وتشتيت صلة الرحم والتي هي عمود التعاضد والتكاتف والتكامل والتعاون ومن خلال الأسرة المتماسكة ينهض المجتمع ويعلو شأن الوطن وعلى العكس من ذلك فإن الأسرة المتفككة واللامنتمية هي الأكثر خطرا وعرضة للتشظي والتجاذب والاستغلال و توجيه سهام انشطارها بما يؤذي روح ومعنويات جسم المجتمع بكامل أعضائه .
وهذا اللون من التفتت الأسري هو المناخ الأكثر ملاءمة لأجواء الليبرالية التي تستنسخ بنود فرماناتها من قاع المجتمع ،أي مجتمع كان ، بحيث تظهر عيوبه ومثالبه ، إلى جانب تضخيمه بشكل يطغى على جميع المحاسن والإيجابيات التي يتمتع بها المجتمع .
إن التعويل الأول والأخير يبقى على وعي الأسرة ،وتضامن العائلة ووحدة أبناء المجتمع .