الثورة أون لاين – دينا الحمد :
يوم الثامن من آذار يوم خالد في وجدان السوريين ، ففي صبيحته انطلقت ثورتهم على التبعية والانفصال والجهل والتخلف ، وقد مضى على قيامها ٥٨ عاماً لكن مبادئها تترسخ عميقاً في ذاكرتهم ، وها هم اليوم يدافعون عن وحدة أراضيهم وسيادتهم عليها في وجه منظومة العدوان التي شنت حرباً عدوانية ظالمة منذ عشر سنوات ومازالت مستمرة فيها إلى يومنا .
عشر سنوات من العدوان كأنها تريد طمس كل ما جاءت به ثورة آذار ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، فمنظومة الغرب الاستعمارية ، التي أرادت تجزئة سورية منذ عقود ، تعود إلى دفاترها القديمة المهترئة ، وشعبنا الذي انتصر على مؤامراتها منذ عقود يعيد سيرة الانتصارات ذاتها والتضحيات نفسها الآن .
تطل علينا الذكرى في ظل هذه الحرب العدوانية والحصار الجائر على شعبنا ووطننا بسبب مواقف سورية القومية والوطنية ، ورفضها الخضوع للإملاءات الغربية والصهيونية ، حيث يستمر الحلف الصهيو أميركي الغربي وأدواته الإرهابية في المنطقة بمحاولة إسقاط الدولة السورية وتدمير مؤسساتها وإخراجها من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي .
وإذا كانت ثورة الثامن من آذار قد جاءت رداً على تكريس مفهوم التبعية والاستسلام والانفصال فإن السوريين اليوم على خطا ثورتهم المجيدة في مقاومة أجندات المستعمرين ومخططاتهم التي تسعى إلى تكريس الانفصال ودعم ميليشيات التقسيم والتطرف مثل قسد وداعش والنصرة وأفراخها ، وقد سجل لهم العالم أعظم انتصار على قوى البغي والعدوان والتطرف .
وأيضاً إذا كانت ثورة الثامن من آذار قد أعطت سورية موقعاً مهماً على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولاسيما بعد قيام الحركة التصحيحية بقيادة الرئيس المؤسس حافظ الأسد ، فها هي سورية اليوم بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد تنهض من تحت الرماد لتعود واسطة العقد في محور المقاومة ، وتعود إلى دورها الإقليمي بكل قوة واقتدار ، رغم كل حجم العدوان والحصار والتخريب والتدمير الذي تعرضت له خلال عشر سنوات من تلك الحرب الإرهابية .
فقد سطر شعبنا الأبي بصموده وبإرادة جيشه الباسل خلال هذه الحرب العدوانية أروع البطولات ، ونجح في الدفاع عن وحدة تراب وطنه واستقلاله وصون قراره السيادي وحفظ أمنه ، وواجه جيشنا تنظيمات الإرهاب ومشغليها ببسالة منقطعة النظير ودحرها بيد ، وتصدى للعدوان الأميركي الصهيوني المتكرر بيد أخرى .
ومنذ ثورة آذار عام 1967 وحتى العقود الخمسة التالية من عمرها أرسى شعبنا المناضل دعائم الدولة الحديثة المرتكزة على البناء المؤسساتي والديمقراطي ، وجعل من بلده محطّ أنظار العالم ، وكانت سورية محط أنظار العرب ورهانهم لاستعادة حقوقهم والحفاظ على هويتهم ، وأصبحت على مدى هذا الزمن القلعة المنيعة الوحيدة في مواجهة الأخطار والتحديات ، ولهذه الأسباب جميعها كانت المؤامرة كبيرة جداً لتدمير مؤسساتها وجيشها وتشريد شعبها ، ومحاولة إنهاء دورها الإقليمي والدولي ، فتكالبت عليها منظومة العدوان بقيادة واشنطن وأدواتها في المنطقة من مشيخات النفط وتركيا العثمانية ، وشنت عليها هذه الحرب الإرهابية لتجهز على كل الإنجازات التي حققها الشعب العربي السوري طوال العقود الماضية .
ورغم حجم الحرب الإرهابية التدميرية فإن منظومة العدوان فشلت في تحقيق أجنداتها ومخططاتها الاستعمارية ، ولم تستطع طي صفحة سورية كرقم صعب في المعادلة الإقليمية ، ولم تفلح واشنطن في تمرير المشروع الصهيوني تحت مسمى “صفقة القرن” وتحويل منطقتنا إلى مستعمرات متناثرة يسهل السيطرة عليها ، فانتصر شعبنا على مخططات العدوان ، وها هو اليوم على خطا آذار يرسم ملامح مستقبله بأيدي أبنائه الشرفاء وهمة جيشه الوطني الباسل