الفضاء الأزرق وبكلّ أسف يستر جهل وواقع وتعالي شريحة كبيرة من الناس وبخاصة مدّعي الثقافة، ولم يعد هنالك تمثّل لأي واقعة تاريخية أو إنسانية أو لأحداث ثقافية وفكرية وجوهر حقيقي لمعنى القراءة أو اقتناء كتاب أو تأليف وإبداع حقيقي…
رغم المظاهر الحضارية لأيام الاحتفاء بيوم الكتاب السوري وإقامة المعارض للكتب في أماكن مختلفة من سورية يبقى واقع القراءة واقعاً مريراً مقارنة مع مانحن بحاجة إليه من توسيع رقعة الثقافة والاطلاع على مناهج فكرية وعلمية لتعطيل “الأنا” المنتفخة والمتضخمة عند الكثيرين من المثقفين المغرورين بثقافة بعيدة عن الواقع والموضوعية، ولتعطيل الفكر الوهابي الدموي المعتم، وأبسط مايُقال عنهم إنهم فئات تقود إلى الفوضى والتعمية والتضليل والهلاك…
أمة اقرأ بات تاريخها يفتقر إلى النظرة الموضوعية لحركة التاريخ والحاضر والمستقبل، وقصور في رؤاها وتراكم للغبار عليها، شاخت سيرها وأساطيرها وتراثها وأعلامها وشعراؤها وأدباؤها ومسارحها وفنونها وأقطاب عالميتها بسبب دوافع مادية وخذلان لحضارة عميقة عمق التاريخ… تنتظر من ينفض الغبار عنها وتنتظر دور القوى المحرّكة لهذا الركود بدافع إرادة التحدّي والطموح لهدف إنساني نبيل يعيد الألق لروح الثقافة والفكر الإنساني العربي…
التجارب الحياتية العميقة لاتقلّ أهمية عن وعي بعض الفئات المُتعلّمة المتنوْرة لابدّ أن يبعث روح الثقة من جديد في جماهير القُرّاء والمبدعين لأخذ أدوارهم بفعاليّة تكسر العزلة عن حركة الإبداع والتغيير وتقطع الطريق على روّاد الفكر الظلامي ومرتزقة الثقافات الدخيلة بكلّ أطيافها ومناهجها الاستعمارية التي تُصدّرها قوى غايتها الهيمنة على العالم بوسائل لاتمتّ للإنسانية بصلة، ولاتمتّ إلى العوامل المكوّنة للشخصية الثقافية بأيّ إبداع، همّها تسطيح العقول وتهميش الثقافة العربية بكلّ مكوناتها…
وعوضاً عن الرّثاء والندب والبكاء لابدّ من مرجعيات ثقافية وفنية ووطنية وقومية تعيد الألق للإبداع والثقافة والقراءة والكتاب…
رؤية – هناء الدويري