الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
تحت ذرائع الإنسانية المزعومة حاولت أميركا النيل من سورية بسبب دورها المقاوم، وموقعها الجيوسياسي والاستراتيجي والاقتصادي، ولتحقيق هذا الهدف الخبيث وزعت الأدوار على أدواتها الرخيصة ومرتزقتها منذ بدء الحرب الإرهابية التي شنتها عليها منذ عشر سنوات تحت مسميات وشعارات زائفة، وإرهابيو “الخوذ البيضاء”، هم أحد تلك الأدوات التي تضم بين أعضائها عناصر استخباراتية تجسسية، استثمرت أميركا والغرب والصهيونية في جرائمهم ضد الشعب السوري وحكومته وجيشه.
فهذه الأداة الإرهابية أحد الأذرع الممتدة لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي ومشتقاته من داعش وغيرها، والمدعو جيمس لي ميزوريه هو مؤسسها وأحد أعضائها الإرهابيين، وهو موظف سابق في مخابرات الجيش البريطاني، حيث عمل بعدما ترك الخدمة في الجيش لحساب منظمات تزاول النشاط المشبوه مثل جماعة المرتزقة “أوليف غروب”، ولم يكن تواجد ميزوريه في تركيا مجرد مصادفة بل كان ضمن مخطط مدبر ومجهز بأدق التفاصيل.
ما يؤكد هذا الارتباط بين إرهابيي الخوذ البيضاء وأميركا وبريطانيا والصهيونية هو الدعم والتسهيلات المالية وبملايين الدولارات الذي قدم لهم منذ البداية لتقديم مسرحيات وتمثيليات وافتعال الأكاذيب والقيام بالمزيد من التضليل الإعلامي، وخاصة حول استخدام الكيماوي ضد المدنيين، لمحاولة اتهام الجيش العربي السوري والنيل من صموده، بعد أن حقق الكثير من الإنجازات، ورسم استراتيجية الردع والتوازن في الدبلوماسية والسياسة، حيث أفقد رعاة الحرب الأصليين الكثير من تنظيماتهم الإرهابية بعدما دحر مرتزقتها عن معظم الأرض السورية.
حصل الإرهابي ميزوريه الذي لم يجد أي صعوبة في عمليات تمويل تنظيم “الخوذ البيضاء” من الدول الأجنبية في البداية على مبلغ يقارب 300000 دولار من عدد من الدول منها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، ليرتفع حسابه لاحقاً إلى 100 مليون دولار بعد أن بدأ يتلقى دعماً مالياً أيضاً من المنظمات غير الحكومية، وحصل من هولندا على 4.5 مليون دولار ومن ألمانيا على 4.5 مليون دولار ومن الدانمارك على 3.2 مليون دولار، فيما حصل هذا التنظيم على المعدات والتجهيزات التي استخدمت بتمثيليات ” الكيماوي” من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ليتم الكشف لاحقاً أن إرهابيي التنظيم حصلوا على ما يزيد على 150 مليون دولار أمريكي قبل شباط 2018.
لقد عمل إرهابيو “الخوذ البيضاء” في سورية على تقديم تمثيليات ومسرحيات كيماوية وتغليفها بكثير من الكذب والنفاق والتضليل، عبر بثها لفيديوهات وصور لمدنيين تزعم تعرضهم لهجوم كيماوي كي تتهم الجيش العربي السوري، وترفع منسوب التصعيد والاستفزاز والحصار ضد سورية، لكن الحقيقة ما لبثت أن اتضحت مع كل محاولة لهم، ففي كل مرة كانت فيها الحكومة السورية تفند وتثبت أن هذه الاتهامات تفتقد إلى المصداقية وإلى الأدلة الحقيقية، وأن الإرهابيين هم من استهدفوا المدنيين وليس الجيش العربي السوري، خاصة وأن سورية دمرت أسلحتها الكيماوية ولم تعد تمتلكها، لكن الراعي الأميركي لم يكن يريد أن يرى إلا بالعين الإرهابية، لرفع مستوى التضليل الذي يفتعله بهدف تأليب مجلس الأمن الدولي على سورية، ولتقديم الدعم والمساندة الدبلوماسية والعسكرية للإرهابيين، وهذا ما يبرهن أنه هو الحلقة التي تقف خلف هذا التزوير والتهويل المصطنع، وتسانده في ذلك حكومات الدول الغربية الاستعمارية، فرنسا وبريطانيا ومعهم ألمانيا وغيرها.
لقد تأسس إرهابيو “الخوذ البيضاء” على ممارسة الدجل، واحتراف قتل المدنيين، بعد تأدية دورهم في تمثيليات “الكيماوي”، خاصة وأن أولئك الإرهابيين لم يتواجدوا إلا في الأماكن التي كان يسيطر عليها إرهابيو جبهة النصرة ويستخدمون أدوات تنقلهم، ويقيمون في ذات المباني ويشاركونهم ذات أدوات الإجرام، فمن لا يذكر جرائمهم سواء في حلب الشرقية وفي إدلب وفي الغوطة الشرقية وفي دوما، والتي كشف أحد أطفالها أنه كان أحد ضحايا إرهابيي “الخوذ البيضاء” وليس الجيش العربي السوري، إلا أن الدول الغربية تعامت عن الحقائق، واستندت في تقاريرها المفبركة إلى مزاعم الإرهابيين وتلفيقاتهم، ولا تزال منظمة “حظر الأسلحة الكيميائية” المرتهنة لتلك الدول تعتمد التقارير الكاذبة التي يزودها بها الإرهابيون بعيداً عن الحقيقة والواقع، في تماه واضح مع أجندات الدول الراعية للإرهاب، بحيث أصبح التسييس أداة خبيثة لإطالة أمد الحرب على سورية والاستثمار فيها إلى أبعد الحدود، فكم من مرة استبقت فيها وزارة الدفاع الروسية وحذرت من أن إرهابيي “الخوذ البيضاء” يحضرون لاستفزازات وهجمات كيماوية جديدة لاتهام الجيش العربي السوري، لتفشل بذلك تحضيراتهم وتقطع الطريق على دجلهم.
ليس هذا فحسب، فقد كان جنوب غرب سورية في درعا مثالا آخر لوجود إرهابيي “الخوذ البيضاء” وكان تهريبهم من قبل الكيان الصهيوني عبر الراعي الأميركي فضيحة كبرى، بعد أن حرر الجيش العربي السوري الحدود مع الأردن وسيطر عليها، وعملية تهريب نحو 800 منهم ومن أسرهم تحت جنح الظلام من سورية إلى الأردن عبر الكيان الصهيوني، كشفت أن العملية جاءت بناء على طلب الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية، تمهيداً لنقلهم من الأردن إلى بريطانيا وألمانيا وكندا، فيما تم توثيق أن عددهم يبلغ نحو 3000 عنصر إرهابي وليس فقط 800 كما ظهر للإعلام، وهو ما يعتبر محاولة للتستر على الرقم الحقيقي وإيهام الآخرين بوجود بضعة مئات منهم.
وكم مرة أكدت فيها سورية أن هؤلاء إرهابيين مرتبطين بأجهزة استخبارية غربية وليس لهم صلة إلا بتنفيذ مخططات آلة الحرب، واستهدافهم للسوريين وللدولة السورية وتقديمهم مزاعم يكشف أنهم بعيدون عن أي مزاعم إنسانية يحاولون إيهام الآخرين بها، واليوم سورية مستمرة بمحاربة الإرهاب وتنظيماته المتعددة، والجيش العربي السوري مصمم على استعادة كل شبر دنسه الإرهابيون ورعاتهم، فالتضحيات التي قدمها جسام ولن يفرط بذرة من التراب.