الثورة أون لاين – سامر البوظة:
عشر سنوات مرت على الحرب الظالمة التي شنتها قوى الاستعمار الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية على سورية ولا تزال صامدة بفضل وعي شعبها وحكمة قيادتها وبطولات جيشها الباسل الذي وقف في وجه أعتى وأقذر إرهابيي العالم, حرب لم يعرف التاريخ مثيلا لها بقذارتها وفظاعتها, حيث اجتمعت منظومة العدوان الغربية بمشاركة بعض الدول الإقليمية, وتكالبت على هذا البلد الصامد في محاولة للنيل منه وإسقاطه, ولكنهم فشلوا على الرغم من أنهم لم يتركوا وسيلة إلا واستخدموها, ففتحوا حدودهم وجندوا العصابات الإرهابية من جميع أنحاء العالم لتنفيذ أجنداتهم الخبيثة, فقتلوا ودمروا وشردوا ونهبوا, ولكنهم لم يحصدوا إلا الخيبة والذل والعار.
وبعد فشل تلك التنظيمات الإرهابية وهزيمتها اضطرت دول العدوان, وعلى رأسها الولايات المتحدة، للانخراط المباشر في العدوان لمحاولة لإنقاذ أدواتها الإرهابية, وبالتالي إنقاذ مشروعها, ومع ذلك لم يفلحوا, لذلك بعد هذا الفشل الذريع والإفلاس المدوي في الميدان, لم تجد أمامها إلا سلاح العقوبات والإرهاب الاقتصادي الذي تستخدمه عادة بعد كل فشل للضغط والابتزاز, هذا السلاح الذي أضحى عرفاً ونهجاً ثابتاً يحكم عقلية ساسة البيت الأبيض وإداراته المتعاقبة القائمة على البلطجة والعنصرية, ظناً منها أنه بهذا الأسلوب يمكنها الضغط على السوريين ولي ذراعهم, أو ابتزازهم للحصول منهم على تنازلات سيادية, لم تستطع الحصول عليها في الميدان.
فكان الحصار الجائر والعقوبات القسرية أحادية الجانب التي عانى منها الشعب السوري طوال سني الحرب ولا يزال, عقوبات تتنافى مع كل القوانين الدولية والقيم الإنسانية, التي تتبجح بها تلك الدول وهي بعيدة كل البعد عنها, عقوبات ظالمة استهدفت بشكل مباشر المواطن السوري في لقمة عيشه وغذائه ودوائه, وكانت تهدف بشكل واضح إلى تجويعه وإفقاره وحرمانه من أبسط مقومات الحياة, كعقاب جماعي له على مواقفه الوطنية الثابتة وتمسكه بوطنه, وصموده في وجه المخططات الاستعمارية, التي كانت تستهدف وحدة وطنه وسيادته, إضافة إلى ذلك, منع الاعتراف بالهزيمة وإعلان انتصار الدولة السورية, وهذا باعتراف الولايات المتحدة نفسها.
لكن الأنكى من ذلك, وما يثير الضحك والاستغراب معا, هو الوقاحة الفجة التي مارستها وتمارسها علناً منظومة العدوان تلك, بتباكيها من وقت لآخر على الشعب السوري في المحافل الدولية وعلى منصاتها, الأمر الذي يؤكد بشكل لا يقبل الشك حالة الانفصام لساسة تلك الدول عن الواقع, حيث إنهم يتجاهلون عمدا أنهم ودولهم السبب المباشر والرئيسي وراء المعاناة التي يعيشها ويكابدها الشعب السوري، نتيجة دعمهم المباشر واللا محدود للإرهاب والإرهابيين، إضافة إلى الإجراءات القسرية الظالمة التي فرضوها ويفرضوها على السوريين, والتي تستهدف بشكل مباشر المواطن السوري في حياته اليومية وفي لقمة عيشه.
إن سياسة “الإرهاب الاقتصادي” الذي تمارسه الولايات المتحدة وأذنابها الأوروبيون, واستمرارهم بسياسة العقوبات، هو اعتراف مباشر بضعفهم, ودليل عجز وإفلاس لتلك المنظومة, بعد فشلهم الذريع في تحقيق مخططهم العدواني والاستعماري في سورية, وهذه العقوبات ليست بجديدة على السوريين, وما يسمى “قانون قيصر” هو حلقة جديدة من حلقات الإرهاب الاقتصادي التي تمارسها واشنطن والغرب الاستعماري بحقهم منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكما أفشل السوريون تلك العقوبات سيتمكنون من إفشال هذه العقوبات اليوم على الرغم من قساوتها وما خلفته من آثار على معيشتهم وحياتهم.
وتخطئ كثيراً دول العدوان, وعلى رأسها إدارة الإرهاب الأميركية, إن كانت تعتقد أنها بسياسة العقوبات تلك يمكن أن تخضع السوريين, وأن تحصل منهم ما لم تحصل عليه بالنار والإرهاب, فالشعب السوري مشهود له بالصمود والتحدي, وهذه الإجراءات الباطلة لن تزيدهم إلا تمسكاً بثوابتهم السيادية وبأرضهم ووطنهم, ولن تزعزع إيمانهم المطلق بحتمية النصر على الإرهاب وداعميه, بهمة جيشهم الباسل وحكمة قيادته التاريخية, لأنهم أصحاب حق, والحق لابد وأن ينتصر على الباطل مهما طال الزمن.