تزايد انتشار العنف في الوسط المدرسي وفرض نفسه كأمر واقع خاصة في الفترة الأخيرة سواء بين الطلاب أنفسهم أو بين الطلاب والكادر التدريسي وتجلّت تلك المظاهر من خلال سلوكيات بعض الطلاب بالتطاول على هيبة المعلمين والسخرية منهم والتمرد عليهم وإهمال تعليمات وقواعد المدرسة و التسيب وعدم الانضباط والعدوانية،والشغب والتدخين والتدافع عند الخروج من المدرسة، ورفع الصوت أثناء الحديث مع الآخرين، والتقليل من شأنهم والإساءة إليهم .
تنامي هذه الظاهرة يمثل عائقاً أمام تطور المدرسة وأداء رسالتها بالشكل المطلوب كما هو مخطط لها في السياسات التربوية والتعليمية وهي تتنافي مع القيم الإنسانية ومنظومة مجتمعنا الأخلاقية وتمهد لظهور أجيال مسطحة فكرياً ومفككة اجتماعياً ومنحلة أخلاقياً وهذا ما يسعى إليه و يروج له أصحاب التيارات الفكرية و القيم الهدّامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك يجب تشخيص هذه الظاهرة بأبعادها المختلفة،والسيطرة عليها والتخفيف من حدتها وتحصين الأجيال من الغزو الثقافي والفكر المتطرف وتكريس الانتماء إلى المجتمع الذي نعيش فيه ونبذ ثقافة العنف .
المدرسة والأسرة من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تهتم بتربية الأطفال والمراهقين وتعليمهم المبادئ الأخلاقية،والتمسك بقيم ومعايير المجتمع، وكون المدرسة تستقطب عدداً كبيراً من التلاميذ الذين تختلف أفكارهم نتيجة اختلاف بيئاتهم وعاداتهم وطباعهم إضافة للتناقضات الكبيرة التي ولدتها الحرب العدوانية على سورية وظروف الحصار الاقتصادي وما خلفته من تداعيات ومنعكاسات خطيرة على المجتمع بشكل عام وعلى واقع التربية والتعليم بشكل خاص فهذا يحمّل المدرسة أعباءً إضافية ، من هنا تنبع أهمية التربية ودورها في عملية بناء الأطفال وصقل الشخصية وإعداد أجيال سليمة كطريق أساسي نحو التعافي وإعادة الإعمار.
التنشئة الحقيقية تتطلب حضوراً فاعلاً لدور الأسرة في التربية والتواصل بين المعلم والأهل وبين الطالب ومعلمه، وهناك أمر بالغ الأهمية وهو معرفة أصدقاء الأبناء وأقرانهم الذين يقضون معهم معظم أوقاتهم كما يتوجب على إدارة المدرسة والطاقم التدريسي وغيرهم إقامة شراكة بين المدرسة والمجتمع لتعزيز تدابير السلامة للطلاب أثناء خروجهم من سور المدرسة وإتباع أساليب تعليمية وتربوية حديثة وتعزيز الثقة بالنفس لدى التلاميذ والتأكيد على ممارسة الهوايات كالرياضة والرسم لإخراج الأطفال من تبعات الحرب الكارثية ومعالجة الضغوط النفسية الناتجة عن البيئة الأسرية و المدرسية وضغط المناهج و الخوف من رهبة الامتحانات القائم على الحفظ والاستذكار.
أروقة محلية – بسام زيود