“حرب الناقلات”.. هل يمكن إطلاق هذا المصطلح على ما يجري في أعالي البحار من استهداف لناقلات النفط المتجهة إلى الشواطئ السورية؟ هل نبالغ إذا قلنا عنها “حرب”.؟ إن لم تكن كذلك فماذا يمكن أن نسميها؟ كثيرة هي الأخبار التي تحدثت عن استهداف ناقلات النفط المتوجهة إلى الموانئ السورية سواء في عرض البحر المتوسط أم حتى قبل ذلك في البحر الأحمر خلال العامين الماضيين وخصوصاً بعد فرض واشنطن ما يسمى “قانون قيصر” ضد سورية.
صحيح أنه ليس هناك حديث رسمي في سورية عن هذا الاستهداف ويُكتفى بالإشارة إلى تأخر وصول الإمدادات بسبب الحصار، لكن صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية كشفت مطلع شهر آذار الجاري نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإقليميين عن استهداف نحو 12 ناقلة كانت تحمل النفط إلى سورية على مدى العامين الماضيين.
من يستهدف هذه الناقلات “الإرهابية المجرمة” التي تنقل النفط للشعب السوري لتأمين الدفء له في الشتاء القارس والإمدادات لوسائل النقل ومحطات توليد الكهرباء؟ لاشك أن الجواب يأتي تلقائياً أن من يفرض الحصار هو الذي يستهدف.. إنها الولايات المتحدة الأميركية سواء كان ذلك بشكل مباشر من سلاحها الحربي أم عبر ذراعها الإرهابية في المنطقة “إسرائيل”.
لا يختلف اثنان أن الحصار هو سلاح حربي تستخدمه الدول المعتدية لإلحاق الضرر باقتصاد الدولة المعتدى عليها بل محاولة خنقها والتسبب بانهيارها لفرض شروط استسلام، لكن ما حصل في سورية أن محور العدوان استخدم بالتوازي سلاحي الإرهاب والاقتصاد في حربه على سورية على مدى عشرة أعوام، وبعد فشله الذريع ميدانياً صعّد في الحرب الاقتصادية التي يريد من خلالها خنق السوريين.
وول ستريت جورنال كشفت أن “إسرائيل” استهدفت ما لا يقل عن 12 سفينة متجهة إلى سورية، تنقل في الغالب نفطاً إيرانياً، واضعة الأمر في إطار جبهة الصراع بين “إسرائيل” وإيران دون أن تذهب إلى هدف العملية الأساسي المتمثل بخنق السوريين ضمن مخطط الحصار الجائر الذي تفرضه الولايات المتحدة.
تقارير إعلامية تحدثت عن تعرض عدة ناقلات نفط لاستهدافات باستخدام الأسلحة كالصواريخ أو عبر الألغام لضرب شحنات النفط وربما غير النفط المتجهة إلى سورية من بينها ثلاث عمليات وقعت في عام 2019، وست عمليات عام 2020 وهي بمعظمها تحمل النفط إلى سورية وأصابع الاتهام تشير دائماً إلى الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي الذي يتفادى الإعلان.
الألغام البحرية هي أحد الأساليب التي تتبعها سلطات الاحتلال لاستهداف الناقلات وفي أحيان كثيرة يتم الاستهداف بواسطة الصواريخ من قبل الطيران المسير أو الحربي أو من حاملات الطائرات والتوربيدات البحرية كما فعلت الولايات المتحدة أيضاً.
حرب الصهاريج في مواجهة حرب الناقلات
أمام حرب الناقلات .. تكرر في الفترة الأخيرة توجيه عدة استهدافات لأسواق بيع النفط السوري المسروق في مناطق سيطرة الإرهابيين المدعومين من تركيا في شمال حلب وفي ريف إدلب الشمالي الغربي وكذلك محطات التكرير البدائية وصهاريج النقل التابعة للارهابيين قرب الحدود التركية.
ورغم أنه لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن تلك الضربات، هل يمكن وضع الأمر تحت عنوان “حرب الصهاريج مقابل حرب الناقلات”؟ لاشك أنها قد تفهم على أنها رسالة..عندما يتم منع وصول ناقلات النفط القادمة إلى سورية سيتم منع تهريب وسرقة النفط السوري إلى الخارج.
هل تنجح هذه المعادلة في وقف استهداف الناقلات في عرض البحر وتسهيل وصول إمدادات النفط لسورية؟ سؤال لا يمكن الإجابة عنه حالياً، لكن الأكيد أن من يقف في أرتال أمام محطات الوقود يدرك من يتسبب له بذلك .. وبلا شك أيضاً أن السوريين الذين لم تستطع المفخخات والصواريخ الذكية أن تكسر إرادتهم على مدى عشر سنوات من الحرب، لن تستطيع قوة في الأرض أن تسلب إرادتهم من خلال الضغط على لقمة عيشهم.
إضاءات – عبد الرحيم أحمد