احتجاجاً على العنصرية المقيتة المتفشية بالمجتمع الأميركي برعاية المؤسسة الحاكمة هناك وتشجيعها، تعود المظاهرات في عدد من الولايات الأميركية، ويعود معها السؤال الذي يلقي بظلاله على ما يجري: لماذا لم تتغير الصورة البشعة رغم مجيء إدارة جديدة برئاسة جو بايدن؟.
بل إن السؤال الأدق والأهم هو: لماذا لم تغير هذه الإدارة من تلك الصورة السوداوية، وهي الإدارة التي وعدت الأميركيين والعالم بعهد ورديّ خال من العنصرية، ومن كل أوبئة أميركا السياسية والعسكرية والثقافية التي نشرتها في العالم؟، ثم لماذا لم يتعظ فريق بايدن بنتائج ما جرى من جرائم عنصرية أثناء ولاية ترامب، ولاسيما بعد مقتل مواطنهم الملون (جورج فلويد) على يد شرطتهم العنصرية، وما أحدثه ذلك من انقسام حاد في مجتمعهم؟.
الإجابة عن هذه الأسئلة المهمة لا تحتاج إلى كثير عناء لمعرفتها، فأميركا العنصرية هي ذاتها في عهد بايدن أو ترامب أو سواهما، والممارسات العنصرية غير الإنسانية بحق الملونين والأعراق الأخرى هي (ماركة) مسجلة لأميركا بغض النظر عمن يحكمها، كما أن التمييز العنصري الممنهج موجود في كل مفاصل مؤسساتها وليس فقط في الشرطة وهيئات الحفاظ على القانون، وهذا الكلام صدر بآلاف الشهادات من قبل أصحاب البيت، من سياسيين وإعلاميين وباحثين أميركيين، وليس من بنات أفكارنا.
لهذا كله لا عجب أن تشهد معظم الولايات الأميركية مجدداً احتجاجات ومظاهرات مناهضة للعنصرية في أعقاب مقتل ثمانية آسيويين في حوادث إطلاق نار بمنتجعات (أتلانتا)، ومنددة بالسياسات المتبعة ضد المواطنين من أصول آسيوية ومن سكان جزر المحيط الهادئ، ولا عجب أيضاً أن ترتفع الأصوات المطالبة بإيقاف الكراهية ضد الآخرين، لأن قوانين أميركا ومؤسساتها مازالت تقوم أساساً على (العنصرية)والكراهية.
وكي نكون دقيقين أكثر لابدّ من أن نذكّر هنا بما قاله جو بايدن نفسه يوماً ما، وحرفياً:(يجب أن نواجه تصاعد التطرف السياسي وتفوق البيض والإرهاب الداخلي)، فعبارته هذه كفيلة بكشف المستور الذي يجزم بأن أميركا تنتج التطرف والعنصرية والكراهية والإرهاب، وتتبنى فكرة تفوق العرق الأبيض على غيره من الأعراق، مع إضافة بسيطة جداً على هذه الحقيقة، وهي أن شعارات بايدن مجرد شعارات براقة للاستهلاك والتعمية والتضليل، وأمثلتها واضحة في تعامله مع كل قضايا العالم، وأما الواقع فيشير إلى استمرار عجوز البيت الأبيض وفريقه بإنتاج الكراهية والتطرف والعنصرية والإرهاب، وإن ضللوا العالم وقالوا بأنهم سيواجهونها!.
البقعة الساخنة – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة