ادعاءات بايدن الكاذبة بانتهاج سياسة الحوار والدبلوماسية، اتضحت اليوم أنها كانت “زلة لسان” تضاف إلى زلاته العديدة التي لا ينفك يرتكبها، وهذا ما يثبته سلوكه المناقض لتلك الادعاءات، هو يعمل عكسها تماماً، ينتهج خطاباً استعلائياً يقود للتصادم والعسكرة، وقد يجر لإشعال المزيد من الحروب، وتوليد أزمات دولية أخرى، ولاسيما أنه يدفع لتفعيل التحالفات العسكرية في إطار “الناتو”، والاتكاء عليها لفرض النفوذ الأميركي في كل مكان في العالم.
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عزف على هذا الوتر على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول الحلف الأطلسي في بروكسل، ويدفع بقوة من أجل تعزيز التحالف العسكري تحت ذريعة مواجهة روسيا والصين، ومن أجل محاولة تبرير أي حماقة غربية محتملة، سارع أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ بدوره للترويج بأن موسكو وبكين تعملان على تحديث ترسانتهما النووية بما يشكل تحدياً لدول الحلف، وهذا يشير إلى أن الولايات المتحدة عقدت العزم على تسخين جبهات المواجهة من خلال تفعيل استثمار ذراعها العسكري “الناتو”، للحيلولة دون انتزاع تفردها بقيادة العالم.
الأمر الذي لم يعد مستغرباً، هو هذا الانصياع الأوروبي للمشيئة الأميركية، رغم الكم الكبير من الإهانات التي وجهتها إدارة ترامب السابقة للدول الأوروبية، وحثها على دفع المزيد لضمان حمايتها، وهو ما دفع فرنسا وألمانيا للتجرُّؤ على التفكير بإنشاء جيش أوروبي موحد رداً على تلك الإهانات، واليوم تعيد إدارة بايدن التأكيد على أنه لا توجد أي تغييرات على السياسة التي فرضها ترامب سابقاً لجهة دفع الأوروبيين لزيادة إنفاقهم العسكري، فما الذي يدفع الدول الأوروبية لتقبل المزيد من الإهانات، وإعلاء المصلحة الأميركية فوق مصلحة شعوبها؟، لماذا تصرُّ على أن تكون مطيَّة لتنفيذ سياسات الهيمنة الأميركية؟ ألا يعكس ذلك فقدانها للسيادة والاستقلالية في اتخاذ قراراتها الخارجية، وحتى الداخلية أيضاً؟!
تاريخ “الناتو” حافل بارتكاب الجرائم ضد الإنسانية بحق الكثير من الشعوب، وأميركا بقيادة بايدن، تعمد لإعادة توظيفه مجدداً في حروبها العدوانية، وإذا كانت الحكومات الأوروبية منقادة وراء الولايات المتحدة في نظرتها العدائية لروسيا والصين، فإن الشارع الأوروبي مطالب بالوقوف ضد سياسات حكوماته، لأنه وحده سيدفع ثمن المواجهة الخاسرة بحال إقدام الحلف على أي حماقة محتملة، فلماذا يقبل هذا الشارع أن تزج به أميركا في معاركها الخاسرة، ولاسيما أن الأوروبيين سيكونون في الخط الأمامي بأي مواجهة، والأهم من ذلك أن لا ناقة لهم ولا جمل بأي حرب تخوضها الولايات المتحدة من أجل تثبيت هيمنتها على العالم.
البقعة الساخنة- ناصر منذر