الثورة أون لاين- د. ذوالفقار علي عبود :
تعد قناة السويس، واحداً من أهم الممرات المائية في العالم، وهي الرابط الأقصر بين آسيا وأوروبا، إذ يمر عبرها 10- 12 % من مجمل التجارة العالمية.
كما يعبر القناة 24% من إجمالي تجارة الحاويات العالمية، فيما تستقطب القناة 100% من تجارة الحاويات المارّة بين آسيا وأوروبا.
ويمر عبر القناة 10% من تجارة النفط، و8% من تجارة الغاز المسال، منها ثلثا النفط الخام القادم من منطقة الخليج.
ويعبر القناة حوالي 50 سفينة يومياً، ويتراوح معدل عدد السفن المارة في القناة سنوياً بين 16 ألفاً و18 ألف سفينة، وقد يصل عدد السفن المارة في القناة أكثر من 21 ألف سفينة، بإجمالي حمولة تقترب من مليار طن، ويبلغ متوسط دخل الحكومة المصرية من قناة السويس حوالي 6 مليارات دولار سنوياً.
وقد عبر القناة ما يزيد على 19 ألف سفينة في عام 2020، بإجمالي حمولة بلغت نحو 1.2 مليار طن، وذلك رغم تراجع التجارة العالمية جراء إغلاق جائحة كورونا.
يبدو أن مشغلي السفن باتوا أقل تفاؤلاً بقرب انتهاء أزمة السفينة الجانحة في الممر المائي الأكثر ازدحاماً في العالم، إذ حولت 7 ناقلات غاز مسارها بعيداً عن قناة السويس إلى الخط البحري القديم حول رأس الرجاء الصالح، في الوقت الذي تنتظر فيه 206 سفن عالقة حالياً على مدخلي قناة السويس، الشمالي والجنوبي، وفي وسطها، بسبب جنوح السفينة “ايفر غرين” العملاقة والذي تسبب بتعليق الملاحة في قناة السويس.
ولا يتيح عرض القناة (البالغ حوالي 335 متراً)، هامشاً أمام السفن للمناورة والالتفاف بعد دخولها القناة، ما يعني أن معظمها مجبر على الانتظار إلى حين حل الأزمة بتعويم السفينة العالقة، وإعادة فتح الممر أمام الملاحة.
وكلما تعرقلت عملية تعويم الناقلة العملاقة، كلما طالت الأزمة وتأثرت جداول تسليم البضائع في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عدد كبير من شحنات النفط والغاز، الأمر الذي يهدد بموجة ارتفاع في الأسعار.
وقد أثرت الأزمة بشكل فوري على مسار 16 سفينة للغاز، كما أن 7 سفن، بينها قطرية وأميركية، حولت مسارها بالفعل بعيداً عن القناة نحو طريق الرجاء الصالح، فيما تنتظر 6 سفن أخرى على مداخل القناة.
وفي حال طالت الأزمة أكثر، فإنها ستؤثر على جداول التحميل في مصادر توريد الغاز، وخصوصاً في ميناء رأس لفان القطري، المصدر الأول للغاز المسال في العالم.
وبين السفن البالغ عددها 206 العالقة، هناك 10 ناقلات نفط بإجمالي حمولة 13 مليون برميل، تعادل أكثر من 13% من إمدادات الخام العالمية.
من المستفيد الأكبر من إغلاق القناة؟
يعتقد بأن الولايات المتحدة بالدرجة الأولى ستكون المستفيد الأول من أزمة إغلاق القناة، حيث ستكون مستعدة لتعويض النقص في إمدادات النفط والغاز من احتياطياتها الاستراتيجية للأسواق الأوروبية عبر النقل بواسطة السفن من خلال المحيط الأطلسي، إضافة إلى أرباحها جراء ارتفاع أسعار النفط والغاز، وزيادة الطلب على الدولار.
أما روسيا فإنها تورد الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر أنابيب، وتعمل حالياً بأقل من طاقتها الاستيعابية الكاملة، ويتوقع أن ترفع روسيا طاقة الضخ عبر هذه الأنابيب لتعويض النقص الناتج عن تأخر وصول الغاز المسال بواسطة السفن من الشرق الأوسط إلى أوروبا.
ومنذ افتتاحها عام 1869، شكلت قناة السويس بديلاً للطريق الملاحي القديم بين آسيا وأوروبا، الذي يلتف حول إفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح، ما اختصر مسافة سير السفن بآلاف الكيلومترات، ووقتاً يتراوح ما بين ال 5 إلى ال6 أيام.
بالإجمال، تختصر قناة السويس ما بين 25 % للصين واليابان و80 % لمنطقة الخليج من وقت وطول رحلات السفن بين الشرق والغرب، في حال سلكت السفن طريق رأس الرجاء الصالح.
اليوم مصر على أعتاب أزمة نقد أجنبي، حيث تشكل قناة السويس أحد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر، إلى جانب السياحة وصادرات الغاز، إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
ويبلغ متوسط دخل مصر اليومي من القناة حوالي 15 مليون دولار.
وخلال العام المالي 2019/ 2020، حققت القناة إيرادات بلغت نحو 5.6 مليارات دولار، حين حققت القناة أعلى إيراد سنوي في تاريخها، بحوالي 5.9 مليارات دولار.
ومع وجود مخططات لاستبدال قناة السويس ، هناك مخاوف مصرية من تراجع أهمية القناة في التجارة العالمية، وخصوصاً في تجارة النفط والغاز.
أحد أبرز هذه المخططات،خطط الكيان الصهيوني مع كل من اليونان وإيطاليا وقبرص، لبناء أنبوب لنقل الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا، إضافة إلى مخطط حفر قناة “بن غوريون” باستخدام القنابل النووية، واستبدال مرفأ بيروت بمرفأ حيفا المحتلة ليصبح بوابة الخليج باتجاه أوروبا.
هذه الخطط، ستقلل تجارة النفط عبر قناة السويس بنحو 16%، مع أن تقديرات الخبراء ترى أن التأثير على القناة سيكون أكبر من ذلك بكثير.