الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
في المقالة المترجمة التالية عن مجلة “استراتيجك كلتشر” الإلكترونية الأميركية يقدم الكاتب الأميركي مارتن سيف توصيفاً دقيقاً لجوهر الليبرالية الجديدة التي تتبناها إدارات أميركا وأوروبا، ناعتاً تلك الإدارات وليبراليتها بالفاسدة والمتعفنة، والتي مازالت تمارس القتل والتدمير والرعب والخوف في جميع دول العالم.. فماذا يقول؟..
على مدار العقد الماضي، كانت سلسلة “The Walking Dead” واحدة من أكثر الأعمال الدرامية التلفزيونية شهرة في العالم ويمكن القول إنها أنجح سلسلة أفلام رعب على الإطلاق، والآن أصبح الأمر أكثر موضوعية وواقعية أن الحكومات المتوالية على واشنطن وآخرها إدارة بايدن، والحكومات التي حكمت المفوضية الأوروبية ودول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، تدين بنجاحها إلى هذه السلسلة التي تدور حول الأممية الليبرالية، “نسخة فاسدة ومتعفنة من العقيدة الليبرالية الجديدة” التي مازالت تمارس القتل والتدمير والرعب والخوف في جميع دول العالم.
بدأ المد للأممية الليبرالية بالتمدد، وآثار حالة من الرعب في العالم بأسره عندما كانت الولايات المتحدة القوية التي “لا تُقهر” حيث قامت هذه الليبرالية بأبشع الجرائم على مر التاريخ، ومارست أحقر وأفظع طرق الخوف والرعب والقتل والتدمير في فيتنام الصغيرة النائية في جنوب شرق آسيا.
وقد انهارت الليبرالية الأمريكية في فكر شعبها قبل الشعوب الأخرى وخاصة بعد التفرقة العرقية والعنصرية التي وصلت إلى حد القتل العشوائي فقط لمن هو أسود أو آسيوي، ولا ينسى التاريخ العبارات التي كانت تكتب على أبواب المطاعم .. ممنوع دخول الكلاب والزنوج.
أصبحت الجامعات الأمريكية مسارح الغضب والدمار والتنديد بقوانين وتشريعات حكومة جونسون الليبرالية التي تدعو إلى التفرقة، والتي أورثها إلى خلفه ريتشارد نيكسون الذي قام بتهديد كل الشباب أصحاب البشرة السوداء والعرقيين وتجنيدهم وسحبهم للقتال في أدغال فيتنام “أي قتلهم بطريقة غير مباشرة “.
ومن جهة أخرى حاربت الليبرالية الاقتصادية “نظرية كينز”، وعملوا جاهدين من أجل التضخم الكبير الذي أطلقه جونسون ومن ثم قام نيكسون بتأجيج التضخم بلا حكمة من خلال تحديد الأجور والأسعار، وانتصرت الرأسمالية الفردية على حساب المجتمعات، فزاد أصحاب المال مالهم، وازداد الفقراء سوءا بحالتهم المعيشية، وعملوا على انكماش وتراجع لدور الحكومة في القطاع الخاص الذي كان يعمل ويؤمن بالفكر الليبرالي الكبير.
بعد عقدين من القرن الحادي والعشرين، ماذا نجد؟ لقد استمرت الليبرالية الاقتصادية في فكرها الرأسمالي الذي يعتمد على ضخ النقود الورقية التي لا نهاية لها في اقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، لقد تم تخفيض أسعار الفائدة إلى الصفر حرفيًا، أو معدلات ثابتة، وهي آلية جديدة لجعل القوة الشرائية عديمة القيمة والتي رعاها جورج دبليو بوش بشغف، الرجل القاتم بلا حدود، مفتول العضلات الوهمية.
في الستينيات تعثرت الليبرالية الأمريكية الكلاسيكية في حرب لا يمكن الفوز بها في جنوب شرق آسيا، وكانت تفتقر إلى أي شجاعة أو ذكاء أخلاقي للانسحاب، وبعد أربعين عامًا أطلق بوش العنان لحربين لا نهاية لهما ولا يمكن الانتصار فيهما أيضًا في آسيا، والتي تبناها رئيسان ديمقراطيان متعاقبان (باراك أوباما والآن جو بايدن) بشغف للقتال، هذه المرة في العراق وأفغانستان.
مرة أخرى نرى نفس الثالوث الوحشي الليبرالية من السياسات الكابوسية والعبثية، محاربة الحروب الخارجية التي لا يمكن الفوز بها، وتأجيج الانقسامات العرقية وحتى الانقسامات بين الجنسين التي لا نهاية لها في البلاد من خلال سياسات تهدف إلى إبعادهم، والسياسات الاقتصادية التي تجلب الفقر والبطالة والخراب بدلاً من النمو والازدهار.
وفقدت السياسة الليبرالية مصداقيتها إلى الأبد قبل 50 عامًا بعد أن تركت الرئاسة الكارثية لجونسون الإرث المتوهج لأعمال الشغب والكراهية العرقية في الداخل، وأسوأ تضخم في تاريخ الولايات المتحدة وحرب فيتنام.
إن رؤية الساسة الليبراليين الآن وهم مستمرون بأفعالهم بشكل كبير أكثر من أي وقت مضى تجاوزت أي شيء يمكننا مشاهدته في “The Walking Dead” أوجه الشبه واضحة، فلاتزال الأفكار الليبرالية المميتة وأتباعها المتحمسون يسيرون كدمى “الزومبي” وأبطال أفلام الرعب التي تقتات على دم الآخرين، إنهم قساة وأغبياء وغير متسامحين ولا يرحمون، هل يمكن لأي شخص ينظر إلى السياسات التي لاتزال تتدفق بلا توقف من واشنطن وبروكسل أن يشك للحظة في أن كلا العاصمتين الإمبراطوريتين يديرهما الزومبي؟.
بقلم مارتن سيف
المصدر: Strategic Culture
