الملحق الثقافي:خالد عارف حاج عثمان:
وتمضي بنا المودَّة.. تسير فينا بخطى حثيثةٍ نحو هاويةِ الرحيل.
تجري بنا إلى الممالك البعيدة.. هناك، بل هنالك وهنالك جداً.. تتلمَّس قدماكَ المدى.. تمتطيان سجادة الريحِ نحو فضاءاتِ الخلود.
أيها الذاهبُ باحثاً عن مشكاةِ الضوء.. في سماواتِ الشِّعر وازدحام الصمت. دونك مفرداتُ قصائدك، وعتبات نصوصك ودواوينك المخبَّأة في الصدور والقلوب ورقةً ورقة.. نصَّاً نصَّا.. نشيداً نشيداً.
كلّ هذا أردته مخبوءاً للأيام القادمة.. أيامٌ لم يمهلكَ الموت لتفصح عنها. وحده البحر وأحباؤك وأصدقاؤك وطلابك والمنابر، يعرفون لون الطَّيف في قصائدك، ونكهة أكسير الحبرِ الذي كتبتَ به أناشيدك.. للوطن، للإنسان للأخلاق، للقيم، للطبيعة، للحبِّ، للكرامة، للتضحية، لانتصارات الجيش العربي السوريّ، للفرح، لياسمين الشَّام، ونفحة نهر بردى، وزرقة البحر.
مجَّدت المناسبات القومية والوطنية، واستحضرت الإنسانية، إلى جانب الجمال الذي وُهب لبلدنا.. كنتَ جاد العبارة، ورقيق حواشيها أيضاً. امتطيتَ سفينة الخليل الفراهيدي في شعرك، وجاهدتَ في الدفاع عن عمود الشعر وموسيقاه وفكره وجماله، ولم تتنازل يوماً عن ضرورة أن يكون الشّعر أخلاقياً. كيف لا؟! وأنت المربي والمدرس والمعلم والرياضيّ والأديب، ولطالما تتلمذتْ على يديك أجيال..
دافعت عن لغة الضَّاد، وجمالية وأهمية ودور اللغة العربية، أينما حللت، وأنّى المنابر صعدت.
ها أنت ذا قد صعدت.. سموتَ وحلَّقت كنورسٍ بحري، قضى نصف حياته في الترحال لنشرِ الثقافة والآداب العربية.
كنت الراوي والمنشد الأول في جلسات الأدب والشعر، وكنت لا تخشى في أناقة وشكلانية القصيدة لومة لائم، حين يحرّك النقد لسانه.
فيا أيّها الراحل: أستاذي وصديقي الشاعر محمد راغب داود..
اعذر قلمي تقصيره، فأنا اليوم لا أرثيك، فكيف لي أن أرثي قامة أدبية وثقافية وتربوية وأخلاقية مثلك!!.. حسبي أنّي حاولت أن أخطّ هذه المفردات، في رحيلكم نحو مشكاة الخلود..
التاريخ: الثلاثاء6-4-2021
رقم العدد :1040