الثورة أون لاين- فاتن حسن عادله:
بعد مرحلة عاصفة من العراك والتصريحات والمواقف المتباينة بين النظام التركي بقيادة متزعمه رجب أردوغان والاتحاد الأوروبي، نتيجة الخلاف على عدة ملفات ساخنة في المنطقة، إضافة إلى ظهور عدة صراعات أخرى أيضاً بين الطرفين حول اليونان، يبدو أن الأوروبيين ورغم استيائهم من سياسة أردوغان وتصرفاته التي لا تنم إلا عن التغطرس والاستبداد حتى تجاههم لا يستطيعون أن يخرجوا تركيا من جلد معادلتهم العدائية حتى لو تسبب لهم بكثير من الإهانات والتصعيد في أساليب تعامله معهم.
هذه الحقيقة هو ما يبرزه وجود تركيا في الناتو كرأس حربة للغرب للتمدد والتوسع وإبقائها تحت جناح الأوروبيين بعيداً عمن يدّعون أنهم أعداؤهم، لذا نعتقد أنه ومن هذا المنطلق ووسط تغيرات دولية تجري ومعادلات تحصل، فإن الغرب يريد إعادة العلاقة مع تركيا إلى بوصلتها رغم حدة الأجواء بينهما، وهو أيضاً ما تبرزه رغبة تركيا بعدم رغبتها بالخروج من عباءته مع إطلاق جملة تصريحات لتلطيف الأجواء.
هذا ما يتأكد مع زيارة قادة الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء إلى تركيا في محاولة للدفع باتجاه انطلاقة جديدة في العلاقات بين أنقرة وبروكسل بعد أشهر من التوتر ووعد تركيا الأخير بالعمل على “برنامج إيجابي” على حد تعبيرها.
ووفق المعطيات فخلال الزيارة سيعرض رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على أردوغان السبل من أجل استئناف تدريجي للعلاقات الاقتصادية ومناقشة الدعم للاجئين المقيمين في تركيا.
وفي هذا المنحى الذي سبقه كثير من التوترات، يبدو أن المسؤولين الأتراك كثفوا الدعوات إلى الحوار مع الأوروبيين لتسوية مواضيع حساسة مثل الخلاف البحري اليوناني التركي في شرق المتوسط أو دور تركيا في سورية وليبيا وفي الآونة الأخيرة ناغورني قره باغ.
لكن رغم ذلك فإن الأوروبيين طلبوا “بادرات ذات صدقية” و”جهوداً دائمة” من أنقرة ووضعوها تحت المراقبة حتى حزيران مع التلويح في الوقت نفسه بتهديد العقوبات، مطالبين أردوغان القيام بأفعال لإظهار رغبته في التهدئة لاسيما بما يتصل بخلافاته مع اليونان وقبرص وسحب قواته من ليبيا واحترام الحقوق الأساسية في بلاده.
كما حذر قادة الاتحاد الأوروبي من أن الإبقاء على “برنامج عمل إيجابي” رهن بقدرة أردوغان على إثبات أنه لا يزال شريكاً موثوقاً.
حول ذلك ترى إيلكي تويغور المحللة لدى معهد العلاقات الدولية والأمنية الألماني أن تركيا تسعى إلى إقامة علاقة تبادلية مع الاتحاد الأوروبي، ووفقاً لها: “ترى تركيا عالماً متعدد الأقطاب ومنقسماً يتراجع فيه نفوذ الغرب، وهي ترى في ذلك فرصة لتنويع حلفائها”.