ليس حبراً على ورق مأساة السوريين التي صنعتها الحرب، إنها خارطة عالمية رسمتها سياسات امبريالية بحقد ودمويّة لاتوصف، والوجع بالأمس هو وجع اليوم، وكلّ ماكان بالسرّ أصبح في العلن ولم تخجل دول القتل والتدمير مما صنعته.
ولكن ببساطة كلّما ابتعد الأمس كلّما اقترب السوريون من فهم كلّ ماجرى ومايجري، وعلِم السوريون أن الممرات الإنسانية للإغاثة والغيرة على حقوق الإنسان ماهي إلّا وهم وأحداث مكملة لما بدأته آلة الحرب والإمبريالية العالمية في هندسة خرائطها السياسية على حساب حياة البشر، حياتنا نحن.
من هنا يأتي توحيد الجهود الإنسانية الذي دعت إليه السيدة أسماء الأسد في لقائها مع القائمين على الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية والفعاليات الصناعية والتجارية من أهم المبادرات والأعمال الإنسانية والإغاثية، فجوهره يستهدف شرائح مجتمعية كبيرة في كل الجغرافية السورية، ونحن الشعب الذي ذاق العذابات والمرارات باسم جمعيات ومؤسسات حقوقية إغاثية عالمية تستظل بقبب برلمانية وإنسانية بكلّ أسف هي من ضيّقت الخناق على السوريين وتاجرت بطعامهم وشرابهم ودوائهم ومختلف حاجياتهم.
السوريون وحدهم من يستطيعون بلسمة جراحاتهم بأنفسهم ويكونوا جنباً إلى جنب في ملمّاتهم، والعطاء الذي خبره السوريون في فطرتهم هو ماجعل سورية صامدة، والمبادرات الإنسانية والتطوعية بدأت على مستوى الأُسر فيما بينها لتكبر وتمتّد وتستهدف شرائح أكبر، فالتكافل الاجتماعي هو من صلب ثقافة السوريين وتنظيمه في مبادرات خلّاقة خيريّة في مثل هذه الأوقات العصيبة التي تمرّ بها سورية هدف تنموّي واستراتيجي ويحقّق عدالة وانتشاراً ينشدها الجميع.
الوطن يعمر بأبنائه ومهما طالت السنوات أو قصرت نستطيع أن نكسب الزمن بالشجاعة والحكمة والعطاء، فلا يعقل أن يوجد على أرض سورية كلّ هذا الخير وكلّ هذه التضحيات وأن يقف العقلاء متفرجين على الجياع والأطفال البؤساء، ولايعقل أن ننتظر مدّ يدّ العون ممّن تملّقوا للغزاة، ولايُعقل أن ننتظر حريّتنا من دبابات المحتّل، ولا ننتظر الإعمار من القراصنة والمنتهزين للفرص الذين دنّسوا أرض المسيح وأرض محمد وأرض عشتار وإنليل وآنو.
إلى كلّ الذين تركوا سورية في سنوات الحرب تسويفاً أو تأجيلا أو خيانة الحياة لاتستقيم إلّا بأبنائها الوطنيين المدافعين الحاضنين للفكر الإنساني المعطاء الذي يثري الوطن عماراً وبقاء ونقاء لاينضب.
رؤية- هناء الدويري