الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:
انطلقت هذا الأسبوع أهم محادثات بين القوى الدولية وإيران منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، وبات الوقت يشكل عاملاً أساسياً في هذه المرحلة.
يهدف اجتماع فيينا بين الدول الموقعة على الاتفاقية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين وإيران برئاسة الاتحاد الأوروبي) إلى تمهيد السبل أمام إدارة بايدن لإعادة الولايات المتحدة إلى معاهدة العمل الشاملة المشتركة، ورغم توجه وفد أميركي إلى العاصمة النمساوية، إلا أنه لم يشارك في المؤتمر بصورة مباشرة، وقد أبدت إيران تمسكها بموقفها القائم على عدم الدخول في أي مفاوضات مباشرة حتى يتم رفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب.
بيد أن حضور مبعوث بايدن الخاص بإيران روبرت مالي وفريقه يشير إلى أننا سنشهد اتخاذ أميركا وإيران حزمة من الإجراءات في الفترة المقبلة، ولكننا نلتمس تصاعداً للمخاوف، إذ على الرغم من سياسة الرئيس بايدن المعلنة بشأن العودة إلى الصفقة، فقد ضاع كثير من الفرص والوقت دون تحقيق أي تقدم منذ انتخابات شهر تشرين الثاني، وبالمقابل أخذت إيران بالابتعاد عن الاتفاقية من خلال زيادة تخصيب اليورانيوم وفرض قيود على وصول مفتشي الأمم المتحدة.
ومع ذلك، يعد اجتماع الثلاثاء خطوة نحو الأمام، فقد اتفقت الأطراف على تشكيل مجموعتي عمل، إحداها تراقب رفع العقوبات الأميركية، والأخرى تراقب عودة إيران إلى وقف تخصيب اليورانيوم.
وفي هذا السياق، قال “مالي” بأن تلك العملية ستحدد الخطوات التي يجب على الولايات المتحدة إتباعها، وتوضح الخطوات التي ينبغي على إيران الالتزام بها، كما صرح المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي قائلاً: “نحن على ثقة بأننا نسير على المسار الصحيح، وفي حال أثبتت أميركا رغبتها وجديتها وصدقها فذلك سيكون ذا تأثير فعال على مستقبل الصفقة”، وأكد ربيعي بأن المرشد الأعلى اية الله علي خامنئي والرئيس حسن روحاني متفقان بشأن المحادثات وأضاف: “سيتم اتخاذ الإجراءات كافة بصورة سريعة في ضوء خطوات مستقلة ومترابطة ومتزامنة أيضا”.
ولكن ترى بعض الدول والفصائل السياسية مصلحتها في عرقلة استمرار تلك المفاوضات، فقد مارست “إسرائيل” والسعودية ضغوطاً شديدة لمنع استمرار الاتفاق النووي، وقد صرح بنيامين نتنياهو قائلاً: “يكمن الخطر في عودة إيران إلى الصفقة مصحوبة بدعم دولي إلى المسار الذي يتيح لها تطوير الترسانة النووية على أعتابنا، ولا يمكننا العودة إلى الخطة النووية الخطرة لأن إيران النووية تشكل تهديداً وجودياً لنا”.
الجدير بالذكر أنه في ذات اليوم الذي صدر به تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي وانعقاد اجتماع فيينا، أصيبت سفينة إيرانية بلغم مغناطيسي في البحر الأحمر قبالة الساحل اليمني، وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز بأن “إسرائيل” أبلغت الولايات المتحدة بشأن تنفيذ الهجوم.
وادعت “إسرائيل” أن سفينة سافيز كانت قاعدة لجمع المعلومات للحرس الثوري الإيراني وجزء من عمليات طهران في المنطقة، ولكن أكدت إيران بأن مهمة السفينة كانت مكافحة القرصنة، علما أن هذه السفينة تربض في تلك المياه منذ أكثر من عامين، الأمر المعلوم للدول الإقليمية والغربية، وليس ثمة سبب واضح لتنفيذ هجوم يوم الثلاثاء، إلا إذا كان ذلك الهجوم محاولة لاستفزاز إيران ما ينعكس سلباً على محادثاتها في فيينا.
إضافة لهذا الواقع، فإن ثمة تيارا إيرانيا محافظا يعارض الاتفاقية النووية منذ بدايتها وقد تمكن من تحقيق فوز ساحق في الانتخابات البرلمانية العام الفائت، وقد سبق وأن حدا الإصلاحيون التفاؤل عقب توقيع الصفقة النووية، وفاز الرئيس روحاني، الذي وقعت حكومته الاتفاق، فوزاً ساحقاً في الاستطلاعات الرئاسية التي تلت إبرام المعاهدة.
من المقرر عقد الجلسة الثانية من المحادثات يوم الجمعة، وقد أكد نائب وزير الخارجية الإيراني ورئيس وفد البلاد الذي شارك في صياغة معاهدة العمل الشاملة المشتركة عباس عراقجي قائلاً: إن بلاده على استعداد تام للتوقف عن ممارسة نشاطها النووي الانتقامي والعودة إلى التزامها الكامل في أقرب وقت ممكن تزامنا مع التحقق من رفع العقوبات الأميركية”.
وبالمحصلة، فإنه من الصعوبة بمكان تحقيق ذلك الهدف بتلك السرعة، غير أنه يبدو بأن ثمة اتفاقاً ضمنياً لدى الجانبين بشأن عدم إضاعة مزيد من الوقت وإنقاذ تلك المعاهدة التاريخية التي استغرق تحقيقها مفاوضات طويلة وشاقة.
المصدر: The independent