يدرج طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس(715 ) مليار دولار ضمن ميزانية 2022 لوزارة الدفاع الأميركية لمواجهة روسيا والصين في خانة التصعيد الأميركي المتدرج مع البلدين والذي من الممكن أن يأخذ أبعاداً متعددة وخطيرة خلال العامين القادمين.
حمل الرد الروسي على طلب بايدن الذي أعلنته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بعدين على جانب كبير من الأهمية الأول في اعتبار المبلغ ثمنا للخوف الأميركي من “روسيا والسينوفوبيا” الذي تفترضه واشنطن وتحاول تهويله امام الشعب الأميركي وحمل البعد الثاني رسالة بالغة الدلالة الى دافع الضرائب الأميركي.
من المرجح ان البنتاغون ستحصل على هذا المبلغ في ظل التركيبة الحالية للكونغرس وهذا لا يعني ان الولايات المتحدة على حافة الحرب المباشرة مع الصين وروسيا ولكن هذه الخطوة ستفتح مضمار سباق التسلح بين القوى العظمى الامر الذي سيرافقه تسخين العديد من الجبهات المفتوحة والمجمدة لتجريب الأسلحة الجديدة وخاصة من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية التي شرعت بإنتاج وتطوير أسلحة جديدة ومنها ترسانتها النووية.
يكثر الحديث الأميركي عن أوكرانيا وتايوان في هذه المرحلة وهذا مؤشر على خطط واشنطن المستقبلية ويرى البعض من المراقبين والمحللين العسكريين ان إعلان الحكومتين الأميركية والعراقية عن سحب القوات الأميركية القتالية من العراق دلالة على توخي الولايات المتحدة عدم التصعيد في منطقة الشرق الأوسط تلبية لرغبة كيان الاحتلال الإسرائيلي.
من المعلوم ان فتح جبهات الاشتباك غير المباشر بين الصين وموسكو من جهة وواشنطن من جهة أخرى لا يمكن ان تحدده الأخيرة فقط ولذلك سيكون العالم امام تحديات خطيرة قد يصعب السيطرة على تداعياتها في ظل عجز أي طرف عن انهاء أي صراع يشعله او يكون طرفا فيه.
إن الأطراف المنفعلة باحتدام الصراع بين القوى الدولية الكبرى وخاصة التي تعاني من التدخلات الغربية- الأميركية يمكنها ان تلعب دوراً مهماً في دفع هذه القوى الى اعتماد الحوار والمفاوضات وتقاسم المصالح بدلا من الهيمنة والتسلط الذي تريد الولايات المتحدة الاحتفاظ به دون وجه حق في ظل صعود قوى عديدة ومنافستها على موقع قيادة العالم.
تنجرف الحكومة الأوكرانية نحو التورط المباشر في صراع أميركي غير مباشر مع روسيا متجاهلة كل المبادرات الروسية والأوروبية “مجموعة منسك ” لإيجاد حل سلمي للخلافات القائمة بين البلدين بعيدا عن الاستفزازات العسكرية والسياسية ولكن على ما يبدو ان التدخل الأميركي يأخذ البلاد إلى خيارات تصعيدية أحلاها مر بالنسبة للشعب الاوكراني الذي تختلف أولوياته بشكل جذري عن أولويات إدارة بايدن التي تسعى الى فتح جرح لا يندمل بين موسكو وكييف.
لم تستفد الحكومة الأوكرانية من تجارب الماضي والحاضر في تفاعلها مع روسيا والدول الغربية بالقيادة الأميركية وحساباتها الخاطئة قد تكلفها مزيدا من التفكك لبلادها في حال مضت في اللعب مع المتصارعين الكبار.
في المقلب الصيني التحركات الأميركية اقل سخونة وتنطوي على استراتيجيات مختلفة بالنظر الى واقع التحالفات في المنطقة وعلى الأغلب ان واشنطن تدرس خياراتها بتأن الى حين اشغال الدب الروسي والحد قدر الإمكان من فاعلية التعاون الروسي الصيني في مواجهتها.
تدرك موسكو وبكين أبعاد التصعيد الأميركي وتتعاملان معه بجدية وحذر كبيرين ولكنهما لا تنجرفان باتجاه التصعيد الذي تبتغيه إدارة بايدن وحلفاؤها الأوروبيون الامر الذي وضع السياسة الأميركية في مأزق حقيقي لجهة التهويل من خطر البلدين امام الشعب الأميركي بشكل خاص والعالم عموما ولذلك تسعى واشنطن الى إحماء إحدى الجبهات وتركيزها يتوجه الى أوكرانيا لعدة اعتبارات في أولها التماس المباشر مع حلف الناتو والدور الأميركي المنتظر منه في هذا الامر.
ان إعلان النظام التركي نيته شق قناة إسطنبول والتي ستؤثر على نظام عبور مضائق البحر الأسود، وفقا لاتفاقية مونترو المبرمة عام 1936 في هذا الوقت ليس بريئاً على الاطلاق ويتسق مع الضغوط الأميركية على روسيا ومن شأنه ان يدق إسفيناً في العلاقات الروسية- التركية التي تعاني من تناقضات كثيرة اذا مضى هذا النظام في خططه هذه.
ان اشتعال أي صراع أو حرب واسعة او محدودة وقابلة للتمدد بحاجة الى طرفين وحتى اليوم هذا الأمر لا يتحقق في ظل السياستين الصينية والروسية الهادئة والتي تركز على التعاون الدولي وحل المشاكل بالحوار والمفاوضات ولكن هذه الدول لن تقف مكتوفة الأيدي في حال العدوان المباشر وهنا تبرز المخاطر من الجبهة الأوكرانية حيث التحركات العسكرية الأميركية المستفزة لروسيا تتواصل على الأرض وفي البحر الأسود الذي ستدخله مدمرتين أميركيتين خلال الأسبوع الجاري.
معاً على الطريق- احمد ضوا