الثورة أون لاين- ترجمة ليندا سكوتي:
انقضت سنوات عشر، ولا تزال سورية تواصل مقاومتها للقوات الأميركية وحلفائها الرافضين لوضع حد لتدخلهم العسكري غير الشرعي، إذ تشن القوات الأميركية الهجمة تلو الأخرى على القوات السورية، بذريعة القضاء على كل من إرهابيي داعش وجبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة.
وعلى مدى سنوات سبع، تتابع القوات الأميركية عملياتها غير الشرعية في سورية، على الرغم من أنها لم تتلقَ دعوة من دمشق أو تفويضاً من مجلس الأمن، كما سبق لها أن أعلنت عن القضاء على داعش في سورية والعراق عام 2017، رغم استمرار وجود فلول المسلحين حتى اليوم في هذين البلدين، وقد بات التوصل إلى تسوية سياسية، وإعادة البناء، وعودة اللاجئين هدفاً أساساً أمام الحكومة السورية والدول الداعمة لها في حربها لمواجهة الإرهاب الدولي.
يبدو أن القوات الأميركية راغبة بتقويض تلك النشاطات السلمية، في حين تعد دمشق أن الوجود العسكري الأميركي في سورية احتلال غير شرعي هدفه نهب الموارد الطبيعة السورية، الأمر الذي دفع دمشق لإبلاغ مجلس الأمن بشأنه مراراً وتكراراً عبر القنوات الرسمية.
ينتاب الشعب السوري الكثير من المخاوف خشية بقاء القوات الأميركية في بلاده، ولاسيما أن هذه القوات تحتل أراضٍ سورية متحدية الحكومة الشرعية القائمة في هذه البلاد، وهنا نستذكر ما أقره رئيس العمليات الأميركية الخاصة أثناء حديثه في منتدى السلام المنعقد في كولورادو عام 2017 بشأن غياب الأساس القانوني للوجود العسكري الأميركي في سورية.
وفي هذا السياق، لن نتحدث فقط عن الانخراط الأميركي في الأحداث القائمة فحسب، بل سنتطرق إلى الوجود الروسي أيضاً، وقد أجرى محللون من البوندستاغ دراسة قانونية حول مدى صلاحية الوجود العسكري للقوات الأميركية والروسية في سورية، وقد توصل خبراء ألمان بأن العمليات الروسية أمر مسموح به، لكونها تجري بموافقة من الحكومة السورية، بينما تفتقد عمليات التحالف الأميركي للشرعية، ولاسيما في ضوء مساعي ذلك التحالف لتسليح وتدريب المتمردين.
وذكرت تقارير نشرتها وكالة الأنباء السورية سانا، أن القوات العسكرية الأميركية أخرجت صباح 23 آذار رتلاً يضم 300 صهريج تحمل النفط السوري المسروق متجهاً إلى الأراضي العراقية عبر معبر المحمودية الحدودي غير الشرعي، وفي الواقع، فإن القوات الأميركية المسلحة تنقل بعشرات الشاحنات النفط السوري المسروق إلى العراق كل شهر، علاوة على ذلك، فإن مسلحي (قسد) الذين يحظون بدعم أميركي يسرقون نحو 140000 برميل من النفط الخام يومياً، وفقا لما كشفه المحافظ غسان خليل في شباط الفائت، مضيفاً بأن تلك الإجراءات تلقى دعماً من الطواقم العسكرية الأميركية المتمركزة في سورية.
وقال وزير البترول والثروة المعدنية بسام طعمة في 18 آذار بأن الولايات المتحدة تسيطر على أكثر من 90% من احتياطي النفط الخام السوري الذي يتركز في الجزء الشمالي الشرقي المحتل من البلاد، لافتاً إلى أن تكاليف الخسائر الإجمالية لقطاع النفط السوري نتيجة القرصنة الأميركية تجاوزت 92 بليون دولار.
وبهدف التعتيم على الأنشطة الأميركية الإجرامية في سورية، عمدت واشنطن إلى شن حملة دعائية ضد الحكومتين السورية والروسية، وحملتهما مسؤولية الأزمة الإنسانية في هذا البلد، ولم تكتف واشنطن بذلك، وإنما عمدت إلى دعم ما يسمى “الثورة الملونة” وزرع المزيد من الفوضى في سائر أنحاء سورية، وقد طالت الافتراءات والأكاذيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اتهمته صحيفة بوليتيكو أنه تسبب بكارثة إنسانية في سورية.
وفجأة قررت واشنطن إظهار “صدق” مخاوفها بشأن قتل آلاف السوريين المدنيين، فعمدت إلى إرسال مساعدات إنسانية إلى سورية أيضاً، ولكن كشفت المنصات الإعلامية إلى أن مصير تلك المساعدة سيذهب إلى الإرهابيين المتمركزين في شمال غرب البلاد.
أما عن دور الولايات المتحدة في تصعيد الأزمة الإنسانية في سورية، فقد ذكرت وكالة سانا مؤخراً أن ثمة معلومات بشأن نقل القوات الأميركية القمح السوري المسروق من مخازن في شمال شرق سورية إلى شمالي العراق، على متن 38 شاحنة، علاوة على ذلك، فإنه قبل أسبوع، عبرت 18 شاحنة أخرى معبر سيمالكا الحدودي محملة بالحبوب السورية المنهوبة من مخازن الحبوب.
الجدير بالذكر أن قوات الاحتلال الأميركية وحلفاءها في “قسد” يتبعون تلك الإجراءات منذ فترة طويلة، ولاسيما في شهر كانون الثاني حيث أرسلوا قافلة تضم حاويات مبردة و50 سيارة محملة بالشعير والقمح والمنتجات المسروقة من مستودعات شركة نماء.
ما يزيد الطين بلة، عدم سماح القوات الأميركية للمزارعين المحلين ببيع المحاصيل لمراكز الحكومة السورية، مع إرغامهم على بيعها بأسعار بخسة، وفي ربيع عام 2020، أضرمت الطائرات الأميركية النيران في محاصيل القمح الواقعة شمال شرق سورية، وحلقت على مسافة قريبة من منازل المزارعين ما سبب الذعر والخوف للمدنيين.
ونافلة القول، أن واشنطن تسرق على نحو منظم المحاصيل والنفط من الآبار المحتلة بهدف إطالة الأزمة وإلحاق الضرر بالشعب السوري، ولا يمكن وصف مثل تلك الأنشطة سوى أنها إرهاب اقتصادي وجريمة ضد الإنسانية.
المصدر
New Eastern Outlook