الثورة أون لاين – يارا كاملة:
يحكم العلاقات الأميركية – الصينية التوتر المتصاعد الذي يفرض حضوره على مختلف القضايا والملفات بين الطرفين، في ظل توافر كل عناصر الانفجار والاشتعال لدى الطرفين عسكرياً واقتصادياً, الأمر الذي يجعل من هذه العلاقة، الأكثر إشكالية خلال المستقبل.
في عام 2014 صُنف الاقتصاد الصيني، الثاني بين أكبر اقتصاديات العالم، وحسب رأي البنك الدولي، قد يصبح الاقتصاد في جمهورية الصين الشعبية خلال عقد من الزمن الأضخم في العالم، وهذا الأمر تحديداً ربما يشرح ويلخص السبب الرئيس وراء الغضب والقلق والاستشراس الأميركي في استهداف الصين التي تعتبرها واشنطن من أكثر منافسيها قوة وتطوراً يتسارع بشكل لافت.
لقد تمكنت الصين لسنوات من التفوق على واشنطن بزيادة دعمها للبحث والابتكار التكنولوجي وتربعت على عرش الريادة التكنولوجية في تطوير الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي والالكترونيات الدقيقة والطاقة الخضراء وغيرها، وهذا ما زاد من هواجس مخاوف واشنطن على أمنها القومي.
وقد وظّفت الصين تقدمها التكنولوجي كوسيلة ناعمة لتحقيق معظم أهدافها دون الحاجة للجوء إلى الحرب، ووصلت بها الحال إلى بيع شبكات الجيل الخامس في مختلف أنحاء العالم ولم تستطع أميركا حتى الآن مواكبة هذه التطورات, بالإضافة إلى ذلك أدت العولمة إلى تراجع الهيمنة التكنولوجية الأميركية مع صعود قوي للتكنولوجيا الصينية التي وصلت لأسواق معظم دول العالم بما فيها الأسواق الأميركية.
الصدمة الكبرى لواشنطن كانت بعد انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية عام 2001 حيث أدى ذلك إلى خسائر كارثية في الولايات المتحدة، ما أجبر الكثير من الشركات الأميركية للانتقال إلى الصين التي استثمرت هذا الأمر لصالحها بشكل كبير جداً.
تواصل الصين طموحاتها للتفوق الاقتصادي إلى درجة أنها باتت تتفوق على الولايات المتحدة في كثير من المجالات، أهمها صناعة الأسلحة ومنافستها لها في الأسواق العالمية, وهذا ما ترفضه أميركا, فالقوة العسكرية المتنامية للصين تراها واشنطن مصدر التهديد الرئيسي لأمنها.
كل الأسباب كانت سبباً خلال العقود الماضية للتوتر بين بكين وواشنطن، وهي تكفي لإشعال أي فتيل أزمة بين الطرفين، فكيف إذا كانت أميركا تسعى إلى إيجاد هذا الفتيل من التحريض وبث الأكاذيب والاستفزازات التي لا تنتهي من قبلها والتي كان آخرها إبحار البوارج والسفن الأميركية على سواحل الصين بذريعة حماية قواعدها العسكرية في اليابان وكوريا ومن أجل منع السفن الصينية من الاقتراب من السواحل الأميركية.
كما أن هناك وجهاً آخر للتوتر بين أميركا والصين على خلفية مواقف بكين الداعمة لقضايا دولية عادلة وملفات سياسية أثارت حنق وغضب واشنطن كأزمة الكوريتين والملف النووي الإيراني وموقفها الداعم للدولة السورية في محاربة الإرهاب, حيث اصطدمت القرارات الأميركية ومن خلفها قرارات دول الغرب الاستعماري بالفيتو الصيني إلى جانب الفيتو الروسي في مجلس الأمن والذي أبطل عدة مشاريع قرارات أميركية جائرة بحق الشعب السوري.
ضمن هذا السياق، فإن التوتر بين الدولتين ، قد يتحول إلى حرب، طالما استمرت واشنطن بسياساتها الاستعمارية تجاه بلدان العالم، خاصة تجاه بكين التي بات حضورها على المسرح الدولي مؤثراً وهاماً وفاعلاً, وحدها الأيام المقبلة كفيلة بتحديد مسار الصراع بين البلدين!.