الثورة أون لاين – ريم صالح:
هل هناك حلول قادرة فعلاً على إنهاء أزمة ملف سد النهضة؟، أم أن الأمور ستسير حكماً باتجاه التصعيد والعسكرة في ظل تعنت الجانب الأثيوبي وتمسكه برؤيته، ورفضه التعامل بمرونة مع أي طرح، أو مبادرة تكفل إنهاء الأزمة؟، وماذا عن العيوب أو المشكلات الفنية في السد، التي قد تؤدي إلى انهياره، ما يعني جلب الكوارث للأثيوبيين والمصريين والسودانيين على حد سواء، ألا يجب أن يعي الجانب الأثيوبي هذه القضية، وما قد تخلفه من دمار بشري هائل؟، ثم ماذا عن العرض الإثيوبي بشأن تبادل المعلومات حول السد مع الجانبين المصري والسوداني هل هو محاولة لشراء الوقت وفرض الأمر الواقع؟.
أسئلة كثيرة تفرض نفسها على تطورات أزمة سد النهضة، وبحسب وثيقة مصرية سرّية فإن الملء الثاني لـلسد صعب التحقُّق إذا استمر مسار العمل كما هو عليه حالياً، حيث أنه يتطلب تخزين 13.5 مليار متر مكعب من المياه خلال الصيف المقبل، الأمر الذي يمكن اعتباره من المستحيلات لا سيما في ظل حالة التجهيزات الفنية الحالية مع عدم البدء بتفريغ الخزان، أو تعلية السد 12 متراً، وهو ما يتطلّب نحو 13 مليار متر مكعب من الخرسانة التي يجب وضعها والانتهاء منها بشكل كامل قبل بدء تخزين المزيد من المياه في موسم الفيضان المقبل.
محللون أكدوا أن هناك حالة من الترقّب المكثّف لطريقة التعامل الإثيوبي في الأجزاء الإنشائية الخاصة بالسد، وإن كانت ستفتح بوابات السد بالفعل خلال الأسبوع الجاري أو لا، لا سيما أن الكميات المطلوبة من العمل تستلزم جهداً مكثّفاً لا يقل عن شهرين، وإمكانات غير متوافرة، الأمر الذي يرجِّح أن تقلّل أديس أبابا من كميات التخزين في الملء الثاني عن الأرقام المعلنة.
مصر أعربت عن خشيتها من تداعيات انهيار السد بعد تخزين المياه، بسبب نقص الدراسات العلمية التي توقفت خلال المفاوضات قبل سنوات وتحدثت عما وصفته بالعيوب أو المشكلات الفنية في السد، التي قد تؤدي إلى انهياره وقالت إنها تعمل على قنطرة حول السد العالي من أجل تصريف المياه الزائدة، مع إقامة سدود منخفضة في توشكي من أجل استيعاب المياه الزائدة في حال أي انهيار لسد النهضة عقب اكتمال الملء.
والجدير ذكره هنا أن هذه التحذيرات تأتي بمثابة رسالة غير مباشرة من مصر إلى السودان الذي لن يمتلك القدرة على التعامل مع كميات المياه المتوقَّع تدفقها، فضلاً عن احتمالية انهيار جميع السدود السودانية بسبب ضغط المياه، وفق الدراسات المصرية.
أما الجانب السوداني فقد أكد أن العرض الإثيوبي بشأن تبادل المعلومات حول سد النهضة مريب ومحاولة لشراء الوقت، وفرض سياسة الأمر الواقع، وأوضح أنه رفض العرض لكونه انتقائياً ولا يحدد البيانات والمعلومات التي سيتم تبادلها، ويركز فقط على البيانات الخاصة بتجربة فتح البوابات لسد النهضة، ويأتي ذلك بعد أن دعت أديس أبابا، السبت، مصر والسودان إلى ترشيح شركات مشغلة للسدود، بهدف تبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني للسد، بعد أيام من اتهامات مصرية-سودانية منفصلة لإثيوبيا بالتعنت، وحديثهما عن وجود خيارات مفتوحة لمواجهة ذلك.
وفي سياق متصل أصدرت منظمات حقوقية من تسع دول إفريقية، في ختام مؤتمر عن نهر النيل، وثيقة عُرفت بـ«وثيقة المبادئ التوجيهية» تطالب بالشراكة بين الدول الثلاث، في خطوة تهدف إلى مزيد من الضغط على إثيوبيا دولياً، ولا سيما مع توقيع منظمات إثيوبية على الوثيقة التي طالبت بوضع اتفاقية قانونية تضمن عدم الإضرار بأيٍّ من شعوب البلدان الثلاثة، وذلك في ختام اجتماعات انطلقت منذ الأسبوع الماضي.