لم تعد إدارة بايدن ضبابية بسياستها ولا يكتنفها الغموض، فقد تكشفت الخبايا المبهمة، وبانت بكل فجاجة النيات والغايات، وأُزيح عن الوجه الأميركي قناع الدبلوماسية وشعارات عودة أميركا إلى سكة القانون الذي ارتداه بايدن لفترة وجيزة لزوم التسويق الدعائي للانتخابات، فقد قضي الأمر الترويجي وانتهت صلاحية مساحيق الدعاية وصار لزاماً أن تطل أميركا بايدن على المشهد الدولي بأنياب الذئاب فقد انتهت الحملات التنكرية وفردت أوراق البلطجة الأميركية المعهودة على طاولة تعاطيها مع كل الملفات الساخنة.
نزع صاعق التهدئة الدبلوماسية الأميركية الملغومة والعودة إلى التصعيد الهجومي إضافة إلى الحدة العدائية في التصريحات والرعونة في تأجيج الحرائق وصب زيوت التسعير على الاستفزازات بات العنوان العريض في سياسة إدارة بايدن.
ليس نبوءة ما توقعنا حدوثه وحدث من انسياق كامل من الإدارة الأميركية الجديدة خلف الأطماع الاستعمارية في المنطقة وسلوكها منحى العصابات الاجرامية، وجموحها الإرهابي المنفلت من عقال القوانين الدولية تماشياً مع الرغبة الصهيونية بإبقاء منطقتنا على صفيح لاهب من إرهاب وتعديات، ولم يكن استباقاً متسرعاً لتقييم أدائها المرتقب والآلية التي ستتعامل بها مع ملفات منطقتنا و الخطوات العدوانية التي سيقدم عليها بايدن وما سيكون عليه نهج إدارته من تعد سافر لإتاحة الهيمنة الأميركية ما أكدنا على حتمية اتباعه من قبل بيادق اللوبي الصهيوني على الرقعة السياسية الأميركية.
وأيضاً لم يكن رجماً بالغيب السياسي إدراكنا للنهج العدواني الذي ستسلكه في التعاطي مع ملفات المنطقة وأولها الملف السوري بل هي الدراية الكاملة ببواطن الشر الأميركي ومكامن الرغبة الجامحة للإرهاب والقفز فوق القوانين الدولية التي لايمكن لأي قاطن للبيت الأبيض أن يخرج عن سكتها، وإلا فكيف لأميركا أن تعتدي وتمارس لصوصيتها بسرقة مقدرات الدول إن لم تبح لنفسها تدخلاً عدوانياً سافراً وتشهر سيف العقوبات الجائرة وتثير زوابع تضليل وتعوم افتراءات كاذبة تدرك تماماً بطلانها كما في قصة الغازات السامة المحرمة دولياً كذبتها المعتادة التي تعاود الآن اجترارها في قصة سراقب المزعومة عبر منظمة الأسلحة الكيماوية في محاولة يائسة للنيل من صمود و ثبات الدولة السورية في وجه المؤامرات الكبرى التي تحيك واشنطن مجدداً خيوطها بمسلات الادعاء الكاذب والتسييس المقيت في أروقة المنظمات الدولية المرتهنة للمشيئة الأميركية.
نعي جيداً أن لعبة الشر الأميركي لم تنته بعد، ليس في منطقتنا فحسب وإن كانت هي الأهم في أجندات أطماعها وفي إحداثيات استهدافها، وإنما على اتساع الرقعة الدولية وعلى امتداد خريطتها، ونجزم أن عواصف الإرهاب الأميركي العسكري والسياسي والاقتصادي لن تهدأ بل ستزداد حدتها فالإدارات الأميركية تدوس بكل استخفاف وعنجهية على كل المواثيق والأعراف، وتقفز فوق القوانين الدولية، ونعلم أيضا أن تمادي إجرامها لن تردعه منظمات أممية رهينة وتابعة باعت هيبة قراراتها في سوق النخاسة الصهيو أميركية وارتضت التخلي عن مبادئها ونزاهتها المفروضة لنيل الرضا الأميركي.
لكن كلنا ثقة أننا ماضون في الطريق الصحيح وفي المسار القانوني الذي يكفل محاربة الإرهاب ودحره عن التراب الوطني وصون وحدة الجغرافيا السورية، ونستكمل ما أُنجز وبات راسخاً ومحصناً بعيداً عن الصخب العدائي والتشويش الأممي الذي يشوه الحقائق ويزور المعطيات، فمن صمد وانتصر في كل معاركه السابقة لن توقف قوافل انتصاراته زوابع تضليل كاذب وسيبقى للسوريين بيانات حقهم التي سيتلونها في ميادين السياسة والمعارك التي يخوضونها ضد الإرهاب ومشغليه العالميين.
حدث وتعليق- لميس عودة