عن الهيئة العامة السورية للكتاب صدر مؤخراً كتاب حمل عنوان :(مئوية شورى) لصاحب هذه السطور، يشير عنوانه إلى مناسبة صدوره، وهي الذكرى المئوية لولادة نصير شورى (1920- 1992)، التي احتفلت بها (أيام الفن التشكيلي السوري) في موسمها الثالث أواخر عام 2020 .
تمت الإشارة في تقديم الكتاب إلى أن تكريم شورى هو في واقع الحال تكريم لجيله الذي صنع هوية الفن التشكيلي السوري الحديث باستلهامه التراث الإبداعي السوري الثري، وانفتاحه في الآن ذاته على مفاهيم الفن في عصره، فأبدع فناً أصيلاً لا يتقوقع على ذاته، ولا يذوب في غيره. ويتطرق الكتاب الى طفولة شورى وبداياته الفنية ومساهمته في التجمعات الفنية منذ مطلع الثلاثينات من القرن الماضي وعن دراسته في مصر ومن ثم افتتاحه لمرسمه الخاص عام 1948 مستقبلاً فيه المواهب الشابة معلماً ومشجعاً، ومستضيفاً الفنانين السوريين والأجانب، حيث كان هذا المرسم أشبه بمركز ثقافي يلتقي به الفنانون والأدباء والموسيقيون والفلاسفة والشعراء. كما يتحدث الكتاب عن مشاركات شورى في المعارض وخاصة المعرض السنوي الذي نال منه ست جوائز خلال دورات المعرض الثماني التي أُعتمد فيها نظام الجوائز. ويتناول هذا القسم أيضاً مساهمة نصير شورى في تأسيس المعهد العالي للفنون الجميلة في دمشق عام1960، الذي أصبح فيما بعد كلية الفنون الجميلة، وتحولات تجربته الذاتية التي بقيت محتفظة دوماً بروحها الانطباعية بأصولها وجذورها وتحولاتها. ما جعل اسمه مرتبطاً بها، وجعله رمزاً سورياً لها.
حرصت أن أقدم إلى جانب سيرة حياة المعلم شورى، والقراءة الفنية لتجربته، نصوصاً لكتّاب ونقاد وفنانين كتبوا عنها، حتى لا تبقى تجربته الإبداعية أسيرة رؤيتي الشخصية وحدها. وقد عملت على جمع هذه النصوص من كلّ جهة استطعت الوصول إليها. منذ أقدمها وهي مقالة صحفيه لصدقي اسماعيل نشرت عام 1950 مروراً بكتابات لسليم عادل عبد الحق، وأدونيس, و عفيف بهنسي، ونذير نبعة، وصلاح الدين محمد، ومحمود حماد، و الياس زيات، و طارق الشريف، و غازي الخالدي، و عبد العزيز علون، وفاروق يوسف، و بطرس المعري. كما عملت على جمع ما أمكنني من صور لوحاته التي بلغت نحو تسعين صورة نُشرت بتسلسلها التاريخي بما يعطي القارئ فكرة واضحة عن التطور الذي طال تجربته، والتبدل في أساليبها..
تتفق الأسماء المذكورة أعلاه على اعتبار نصير شورى أحد أهم الأسماء في الحياة التشكيلية السورية، فقد انتهج درب ميشيل كرشة رائد الاتجاه الانطباعي في الفن التشكيلي السوري، ثم كان بدوره رائداً في أسلوب واتجاه جديد عمّق الهوية المحلية من خلال الالتقاط البارع للمناخ اللوني للخصوصية البيئية، وما لبث أن وجه ذلك المناخ نحو شكل من التجريد، أو الواقعية الاختزالية، ليرتبط هذا الأسلوب باسمه، وبفضله استمر الاتجاه الانطباعي بالحضور في سورية خلال مرحلة الخمسينات، وما تلاها.
هذا الكتاب ليس أول كتاب عن فنان سوري كبير، فقد سبقته عدة كتب هامة. لكني آمل أن يستمر هذا التقليد في المواسم القادمة. وأعني إصدار كتاب عن فنان يتم تكريمه في ذلك الموسم. إلى جانب إصدارات لا ترتبط بمناسبة أو حدث.
إضاءات – سعد القاسم