أول الكلام …«أفواهُ الزَّمن»

 

الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:

كلَّما رأيتُ تفاقم نهمِ الإنسان وجشعه، وتهافته للانقضاضِ وتمزيق كلّ ما يتعلّق بالأخلاق والقيم الإنسانية، تذكّرتُ كتاب الأديب الأوروغواياني «إدوارد غاليانو»: «أفواه الزمن»، وبدأتُ أتخيّل بأننا نسكن عالماً، فاغرةٌ فيه جميع الأفواه.
نعم، نحن أفواهُ الزمن، وتحتشد في هذه الأفواه، كلّ أطماع البشر.. تنقضّ على ما حولها، فتنهشُ الحياة وتدمّي حتى الضمير الذي تعالى فتوارى واستتر..
أنفاسنا نارهُ وشراره.. ننطق بالضلال والجهل، ونقتل الحقّ قهراً على قهر.. كلماتنا لا تروي وإنما تغوي.. لا تروي حكايا الحياة بلطيفِ مفرداتها، وإنما تُغريها بالحرائق التي توقد اقتتالاتها…
الحرائق التي تشتعل في دواخلنا النهمة لزفرِ سمومها القاتلة، ونواياها العاطلة، ولا يهم!!.. حتى لو التهمَ كلّ منّا ذاته، لطالما الأهم، إتخام أنانيّته.
إنها الأنانيّة التي التصقتْ بنا إلى أن أصبحنا معرَّفين بها.. جرّدتنا من أدبياتِ الحياة، وأتخمتنا بترّهاتٍ اضطرّتنا لتفريغِ ما في عقولنا.. ولا نتوقف.. لا نتوقف عن تزويدها بما يزيد شراهتها لابتلاعِ ما يجعل أفواهنا، كلّما اتَّسعتْ ابتلعت، المزيد مما يفقدنا الوعي، والرُقيّ الفكريّ والإنسانيّ..
حتماً لا نحتاج إلى أدلّة، لإثباتِ مقدار ما استشرت الأوبئة التي سببها تعفّن الذات، ولتبيان مقدار العجز عن تخطّى أيّ علّة، تُعافي العقل وتبلسمُ الحياة.
لا نحتاج إلى أدلّة، لأن الوقائع، ومن شدّة بشاعتها، جداً مرعبة وشرّيرة ومُذلّة.. ولأننا، شهدنا وما زلنا نشهد، كيف تحوّلت الأفواه إلى أنيابٍ تنهشنا، والمصطلحاتُ إلى بنوكِ لاستيرادِ وتصديرِ علاقاتنا ومشاعرنا المتأزّمة.
يبدو أننا تناسينا، بأنَّ ما فينا، نبضٌ لا بغضٌ.. حياةٌ تلدُ حياة، لا تفتكُ بها دون أدنى اعتبارات.. فقدنا إنسانيّتنا، ولطّخنا حقيقتنا، فكان «غاليانو» من ذكّرنا:
«حسب معجم زماننا، لم تعد الأسهم الطيّبة، تعني الإشارات التي يبعث بها القلب، وإنما الأسهم التي تقيم في البورصة، والبورصة هي المكان الذي تحدثُ فيه أزمات القيمة».

mayhoubh@gmail.com

التاريخ: الثلاثاء20-4-2021

رقم العدد :1042

 

آخر الأخبار
عودة أولى للمهجّرين إلى بلدة الهبيط.. بداية استعادة الحياة في القرى بعد التهجير قرار حكومي لمعالجة ظاهرة البنزين المهرب .. مدير محروقات لـ"الثورة": آلية تسعير خاصة للمحروقات لا ترت... القطاع العام في غرفة الإنعاش والخاص ممنوع من الزيارة هل خذل القانون المستثمر أم خذلته الإدارات ؟ آثار سلبية لحرب إيران- إسرائيل سوريا بغنى عنها  عربش لـ"الثورة": زيادة تكاليف المستوردات وإعاقة للتج... تصعيد إيراني – إسرائيلي يضع سوريا في مهبّ الخطر وحقوقي يطالب بتحرك دبلوماسي عاجل جرحى الثورة بدرعا : غياب التنظيم وتأخر دوام اللجنة الطبية "ديجت" حاضنة المشاريع الريادية للتحول الرقمي..خطوة مميزة الدكتور ورقوزق لـ"الثورة" : تحويل الأفكار ... " الثورة " ترصد أول باخرة محملة 47 ألف طن فحم حجري لـ مرفأ طرطوس دعم مفوضية شؤون اللاجئين والخارجية الأميركية "من الخيام إلى الأمل..عائلات سورية تغادر مخيم الهول في ... قريبًا.. ساحة سعد الله الجابري في حلب بحلّتها الجديدة لأول مرة .. افتتاح سوق هال في منطقة الشيخ بدر الفلاح الحلقة الأضعف.. محصول الخضراوات بحلب في مهب الريح في حلب .. طلبة بين الدراسة والعمل ... رهان على النجاح والتفوق جيل بلا مرجعية.. عندما صنعت الحرب والمحتوى الرقمي شباباً تائهاً في متاهة القيم التقاعد: بوابة جديدة للحياة أم سجن الزمن؟. موائد الحرب تمتلئ بكؤوس النار ويستمر الحديث عنها.. العدالة لا تُؤخذ بالعاطفة بل تُبنى بعقل الدولة وعدالة القانون سيارة "CUSHMAN" المجانية.. نقلة حيوية للطلاب في المدينة الجامعية ميلان الحمايات الحديدية على جسر الجمعية بطرطوس..واستجابة عاجلة من مديرية الصيانة المعلمون المنسيون في القرى النائية.. بين التحديات اليومية وصمود الرسالة التربوية