الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
شكل الإرهاب الاقتصادي أحد أوجه الحرب الكونية الظالمة ضد سورية، والتي قادها الغرب وأميركا طيلة السنوات العشر الماضية، بالتزامن مع الإرهاب السياسي والعسكري والإعلامي.
وقد تحول هذا الإرهاب إلى سلاح إجرامي خفي من أجل تحقيق مآرب الأعداء والمحتلين بعد فشل الإرهابيين ومن يدعمهم من قوى غربية وجهات إقليمية معروفة.
من اللافت للنظر أن الإرهاب الاقتصادي الغربي الظالم على سورية قد استخدم وسائل وأدوات متعددة لتحقيق أهدافه كالحصار الاقتصادي والعقوبات والإجراءات القسرية التي غايتها التضييق على الشعب السوري وتجويعه وإفقاره وتدمير البنية التحتية لاقتصاده، وممارسة أشد الضغوط عليه وعلى دولته لمنعها من استعادة نموها الاقتصادي والتخلص من تبعات الأزمة التي خلفتها الحرب الظالمة، والحيلولة دون الانطلاق باتجاه استعادة العافية وتطوير الصناعة والزراعة وبقية وسائل النمو الاقتصادي والخدمي والتقني للتخلص من مخلفات الأزمة ومواكبة التطورات العالمية.
لقد تسبب هذا الإرهاب الغربي الممارس على سورية بالعديد من المشكلات الاقتصادية والأزمات المعيشية التي انعكست على حياة الشعب السوري شحاً وقلة في مصادر الطاقة من كهرباء ونفط ومشتقاته، وعوزاً وضيقاً في المعيشة وغلاء في أسعار السلع الغذائية، ما يحمل الاتحاد الأوروبي والغرب عموما كامل المسؤولية عن كل ما يعانيه الشعب السوري هذه الأيام.
وفي الوقت الذي يتم فيها استخدام المنابر الأممية للتشدق بحقوق الإنسان ما تزال الإدارة الأمريكية وشركاؤها في الاتحاد الأوروبي يواصلون سياسات الإرهاب الاقتصادي والعقاب الجماعي، وذلك من خلال التدابير القسرية الأحادية التي يفرضونها على سورية، والتي تهدف إلى خنق المدنيين وحرمانهم من الغذاء والدواء والمعدات الطبية الأساسية والوقود، ومنع إعادة الإعمار وعودة المهجرين، وذلك في استهتار صارخ ومفضوح بالقانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة، وتجاهل تام لكل الدعوات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة وكبار موظفي المنظمة الدولية ومجلس حقوق الإنسان بشأن الحاجة الماسة لرفع هذه التدابير لاسيما في ظل التحديات التي يفرضها وباء كورونا وضرورة التصدي له.
إن الحصار الخانق الذي تفرضه منظومة العدوان الغربي على سورية يهدف إلى تعطيل أبسط مقومات الحياة لدى الشعب السوري، وهو نوع من الابتزاز السياسي والاقتصادي الذي يحاول عرقلة الحل السياسي في سورية وإلحاق المزيد من الضرر والدمار بالسوريين عقاباً لهم على محاربتهم الإرهاب ودعم جيشهم ودولتهم في هذه الحرب الظالمة.
إن الاستمرار بهذه السياسات العدوانية من شأنه أن يفاقم معاناة السوريين المعيشية أكثر فأكثر ويتسبب بظروف اجتماعية قاسية يترتب عليها تداعيات لا تقل خطورة، وعليه فإن الاتحاد الأوروبي الذي يشارك الولايات المتحدة حربها الاقتصادية مسؤول مسؤولية مباشرة عن كل ما يجري، ولا يحق له التظاهر بالحرص على السوريين وهو غير مؤهل للاضطلاع بأي دور إيجابي ما دام أسير النهج الأميركي الذي ثبت فشله.
يبدو أن العقلية الاستعمارية ما تزال تدغدغ مشاعر بعض أعضاء مؤسسة الاتحاد الأوروبي في محاولة لحجز موقع جديد لهم، ولكن السوريين الذين طردوا المحتل الفرنسي من بلادهم قبل أكثر من سبعين عاما لن يسمحوا لهؤلاء بالعودة مجدداً والتدخل في شؤون بلدهم، وعلى الغرب أن يدرك أن السوريين لا يمكن أن يقايضوا كرامتهم وحريتهم برغيف خبز أو أي سلعة أخرى، وقد سبق لهم أن واجهوا الحصار الغربي في سنوات سابقة ولم يتنازلوا قيد أنملة عن قيمهم وثوابتهم الوطنية أو يتخلوا عن استقلال وحرية وطنهم وسيادته.
