الثورة أون لاين – سامر البوظة:
منذ بداية الحرب الإرهابية الظالمة على سورية قبل عشر سنوات, بدا واضحاً حجم المؤامرة الكونية المسعورة التي كانت تستهدف هذا البلد ووجوده وتاريخه وحضارته، عقاباً على مواقفه المبدئية الثابتة الرافضة للمشاريع الاستعمارية ولسياسات الهيمنة والذل التي كانت تسعى إلى فرضها منظومة العدوان ممثلة بالغرب الاستعماري وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني الغاصب, بالتعاون مع بعض الأنظمة الإقليمية والمستعربة العميلة, الذين انصب تركيزهم على الداخل, وهو ما بدا واضحاً من خلال الهجمة المسعورة ولهجة التحريض الواضحة ضد الدولة ومؤسساتها، واللعب على الوتر الطائفي، إضافة إلى التضليل الإعلامي الواسع الذي مارسته إمبراطوريات إعلامية عالمية تدعي المصداقية والموضوعية, لاختراق الصف السوري من الداخل وإحداث شرخ في بنيته المجتمعية, ليسهل السيطرة عليه ومن ثم تبرير تدخلهم تحت ذرائع وحجج كاذبة لا وجود لها في الأساس.
من هنا كان اهتمام القيادة والحكومة في سورية بهذا الجانب نظراً لأهميته وحساسيته, حيث انصب اهتمامها على تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على بنية المجتمع وتماسكه وتحصينه من الداخل, ففضحت أبعاد تلك المؤامرة الدنيئة وأهدافها، ودعت إلى حوار وطني يجمع كل أطياف المجتمع وفئاته إيماناً منها بالحفاظ على الوحدة الوطنية، وذلك من خلال مشاركة الجميع في بناء الوطن ورسم مستقبله, وفي نفس الوقت لتفويت الفرصة على كل من يتربص بهذا البلد وبأمنه واستقراره أو يحاول النيل من ثوابته الوطنية والقومية.
وبالفعل كان الحوار الوطني الذي دارت عجلته في جميع أرجاء محافظات القطر وفق ما خطط السيد الرئيس بشار الأسد وأرساه, لتوحيد الكلمة التي تخدم ثوابت سورية ومنعتها ووحدتها الوطنية, والتي جاءت استكمالاً لخطوات الإصلاح التي أقرتها القيادة، وتنفيذاً لرغبة حقيقية لدى جماهيرنا ببعث سورية الحديثة, سورية الديمقراطية التي تعلي من شأن مواطنيها وترتقي بأطياف المجتمع كافة لتتيح المشاركة في بناء الوطن سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
فبعد انكشاف المؤامرة وحجم الكذب والخداع والتضليل الذي مورس عليهم, أدرك السوريون أن ما تمر به البلاد يحتاج إلى تضافر كل الجهود، وإلى تكاتف الجميع يداً بيد، قيادة وجيشاً وشعباً للخروج منتصرين من هذه الحرب, ومن هنا كان الإجماع على أن الحوار الوطني بين جميع فئات المجتمع هو الحل الأنجع للوصول إلى بر الأمان, فهو سيفتح آفاقاً جديدة أمام أبناء الوطن، جوهره التعددية الفكرية والسياسية واحترام الآخر وحقه في المشاركة في بناء الوطن, فكانت المصلحة العامة ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار, وكل الجهود انصبت في هذا الاتجاه, فالإيمان بأن الوطن يتسع للجميع راسخ ومتجذر، حتى لو كان هناك خلاف في وجهات النظر, المهم أن يبقى تحت سقف الوطن ويخدم المصلحة العامة.
والجلسات والمناقشات التي شهدتها المحافظات السورية بين مختلف النخب السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية كانت شاهداً على ذلك, وعبرت عن حالة ديمقراطية صحية, فلا سقف كان إلا سقف الوطن, والمواضيع والأفكار التي طرحت كانت دون قيود أو محرمات, والكل عبر عن رأيه بكل شفافية ووضوح, والهدف كان واحداً لدى الجميع, وهو الوصول إلى توافق وحلول ترسم خارطة طريق، وخطة عمل تساهم بنقل البلد إلى مرحلة جديدة يكون فيها أكثر منعة وقوة وصلابة.
فالحوار الجاد والمسؤول من شأنه أن يؤسس لظهور أفكار جديدة تسهم بإحداث تغيير نوعي شامل وبناء مجتمع ديمقراطي تعددي, وهو ما تؤمن به سورية وقيادتها وتسعى لتحقيقه, والعملية الإصلاحية التي أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد جاءت تأكيداً لهذا النهج, وتلبية لحاجات وطنية ضرورية تستمد روحها من طاقات وأفكار المجتمع بكافة أطيافه وفئاته, وإيماناً بمشاركة الجميع في صنع القرار ورسم مستقبلهم ومستقبل الوطن.
إن الحوار الوطني الذي شهدته كافة المحافظات السورية, كان أحد الفعاليات الأكثر أهمية في تاريخ سورية المعاصر, التي تعزز الإحساس بالمواطنة والانتماء إلى الوطن, وهو خطوة متقدمة لم تأت من فراغ, بل أسست لها خطوات سابقة وضعت القواعد الأساسية لبناء سورة المستقبل, وما المراسيم والقوانين والإجراءات والإصلاحات الشاملة التي أقرتها القيادة إلا دليل على ذلك, وهو ما انسحب بعد ذلك وأسس للمصالحات الوطنية, التي أثبت من خلالها الشعب السوري محبته للوطن وأنه على قدر عال من الوعي والمسؤولية للمشاركة في بناء الوطن والدفاع عنه ضد الأخطار المحدقة وضد كل من يتربص به أو يحاول النيل منه.
إن صمود الشعب السوري ووعيه محبته لوطنه وإيمانه بجيشه الباسل وقيادته الحكيمة, أحبط كل مخططات الأعداء لتفكيك سورية الصامدة وتقسيمه والنيل منها, على الرغم من كل ما عانته من إجرام ودمار وتخريب على أيدي الإرهاب الذي دعمته ومولته منظومة العدوان, وما يعانيه هذا الشعب الصامد اليوم من إجراءات قسرية ومن حصار خانق يستهدف لقمة عيشه هو عقاب له على صموده ومواقفه الوطنية وعلى تمسكه بوطنه, وهو بلا شك سيتجاوز تلك العقوبات والإجراءات وسيفشلها كما أفشل غيرها, وهذا ليس بغريب عن الشعب السوري الذي كان ولا يزال أيقونة للصمود وعنواناً للتحدي, ولا بد سينتصر مهما طال الزمن أو قصر لأنه صاحب حق وصاحب قضية.
وسورية ستعود أقوى مما كانت عليه بفضل وحدة هذا الشعب الصامد وتماسكه ومحبته لوطنه وتلاحمه مع جيشه الباسل خلف القيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد, وسيفشل كل المؤامرات والمحاولات الرامية إلى تثبيط عملية النمو والتقدم.