الثورة أون لاين – راغب العطيه:
لأنها قيمة القيم وذمة الذمم.. تبقى الشهادة في سبيل حرية الوطن وعزته وكرامته كالشعلة المتقدة تنير دروب الأجيال إلى أبد الآبدين، وتتعزز مكانتها في نفوس أبناء المجتمع في ظروف الحروب والملمات التي تجعل المقاتلين والجنود يتبارون في التضحية والفداء.
ولقد سطر السوريون الأوائل ملاحم بطولة لا تنسى في مواجهة الاحتلال العثماني البغيض، قدموا خلالها أرواحهم ودماءهم لتحيا الأمة العربية حياة الحرية والاستقلال من الاستبداد العثماني الذي بقي جاثماً على صدرها أربعمئة عام، فكانت المشانق التي نصبها جمال باشا السفاح للوطنيين الأحرار في دمشق وبيروت عامي 1915 و1916 ترتسم في عيون هؤلاء الأبطال كالمراجيح، فكانوا يتقدمون إليها وكلهم إيمان بقرب انقشاع ليل الاستبداد العثماني الطويل ويهتفون بملئ حناجرهم بحياة الوطن ويمجدون الشهادة، فأصبح السادس من أيار منذ ذلك الحين عيداً للشهادة والشهداء.
ومع الزمن قدمت هذه الأرض، أرض سورية الأبية المزيد من قوافل الشهداء، فبعد الشهداء الذين ارتقوا إلى العلياء بمواجهة آلة القتل العثماني، قدمت سورية إبان الاحتلال الفرنسي الآثم كوكبة من أبنائها الشرفاء والأحرار قرابين للحرية والاستقلال، حتى دحرت المحتل من أرضها الطاهرة بفضل تضحيات أبنائها بدمائم وأرواحهم.
وكانت تتجدد قوافل الشهداء على الدوام مع كل محطة فيها مواجهة مع أعداء الأمة والوطن، فارتقى الشهداء السوريون من أجل فلسطين في مواجهة العدو الصهيوني في 1948 وقبل ذلك اختلطت دماء الثوار السوريين بدماء إخوانهم الفلسطينيين على ارض فلسطين العربية، ولم تتوقف سورية عن تقديم قوافل الشهداء دفاعاً عن القضايا العربية حتى يومنا هذا، مروراً بحرب عام 1967 وحرب تشرين التحريرية 1973وحرب الاستنزاف عام 1974 وكذلك في الدفاع عن لبنان في مواجهة العدو الصهيوني.
واليوم وبعد أكثر من عشر سنوات من الحرب الإرهابية على سورية يحيي السوريون يوم السادس من أيار، عيد الشهادة والشهداء وكلهم إيمان ويقين بأن دماء شهدائهم ستبقى الحصن المنيع الذي يحصن سورية وكل الوطن العربي في مواجهة كل المشاريع الإرهابية والصهيونية والأميركية والعثمانية، وأنهم لن يبخلوا بتقديم أرواحهم ودمائهم كلما طلب منهم الوطن ذلك.