الثورة أون لاين- ترجمة ختام أحمد:
منذ التصعيد الأخير في “الشرق الأوسط”، وجه العديد من النشطاء العرب والفلسطينيين عبر المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي انتقادات كبيرة إلى اللغة التي تستخدمها بعض وسائل الإعلام والسياسيين الغربيين لتأطير الأحداث بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فالحرب على العرب والفلسطينيين يبدو أنها مستمرة حتى في المصطلحات المستخدمة عالمياً، وهذا من أجل تزوير الحقائق لصالح “إسرائيل” طبعاً – لاسيما استخدام مصطلحات مثل ” الصدامات” أو الإشارات إلى “العنف” في صيغة الفعل السلبي التي لا تنسب إلى المسبب للعنف، وتبدو الأمور كما لو أن الصراع بين طرفين متكافئين بالأسلحة والعتاد، ودائما يكون الخطاب موجهاً على أن “إسرائيل” ضحية وتدافع عن نفسها – أما الحقيقة هي أن “إسرائيل” تحتل الأراضي الفلسطينية وتمارس أبشع صور العنصرية والقتل والتهجير والتدمير الممنهج للفلسطينيين.
فاللغة التي يستخدمها المعلقون السياسيون ووسائل الإعلام المؤيدة “لإسرائيل” تُحَرف المصطلحات و تروّج وتنقل الصورة لصالح الإسرائيليين على عكس الواقع، وهذه بعض المصطلحات والمفاهيم التي أثارت الجدل:
1- “اشتباكات”..
واحدة من أكثر المصطلحات التي ظهرت في التقارير الإعلامية حول العنف المستمر في القدس – والأحداث الأخيرة في فلسطين – كانت “المصادمات” أو “الاشتباكات” وهذا المصطلح يعني أن هناك نزاعاً وتصادماً عنيفاً وصاخباً بين طرفين متكافئين بالنزاع، كما يصف قاموس أوكسفورد الإنجليزي، فعلى الرغم من وجود بعض الحالات التي قام فيها نشطاء بإلقاء الحجارة، إلا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية مدججة بالسلاح ومدرعات ثقيلة وكانت المحرض على جميع أعمال العنف تقريباً خلال الأحداث الأخيرة.
إن استخدام “الاشتباكات” بالمعنى السلبي يزيل أيضاً الفاعلية، ما يسمح بنشر اللوم، ضمنياً، بالتساوي بين الطرفين، يمكن طرح نقاط مماثلة حول مصطلحات أخرى مثل “الاضطرابات” و”الشغب”.
2- “الصراع”..
وبمعنى مشابه لـ “الاشتباكات”، يمكن أن يشير استخدام مصطلح “الصراع” مرة أخرى إلى تكافؤ العنف بين الفلسطينيين وأجهزة الأمن الإسرائيلية، بشكل عام فإن استخدام مصطلح “الصراع” له إرث مضطرب في المنطقة – على مدى عقود تمت الإشارة إلى الوضع باسم “الصراع العربي الإسرائيلي”، إنه مصطلح لا يزال شائعاً بين الإسرائيليين اليمينيين، ما يعني أن العالم العربي ككل في حالة حرب مع “إسرائيل” الصغيرة المسكينة، ما يحجب محنة ومعاناة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ويتجاهل العلاقات التي تتمتع بها “إسرائيل” مع العديد من الدول العربية المختلفة.
3- “نزاع على الملكية”..
وأشار عدد من السياسيين ووسائل الإعلام إلى الجدل الدائر في حي الشيخ جراح بـ “نزاع على الملكية”، في حين أنه يقلل بشكل كبير من السياق الأساسي والوضع الحقيقي، الذي يقول أن ما يحدث في الشيخ جراح أمر سيئ من الناحية الأخلاقية، ويمكن أن نعتبره -هذا الخلاف- كالخلاف بين المالك والمستأجر في باريس، لندن، أو اسطنبول، ومن هنا ينبع الطرد المخطط لـ 40 فلسطينياً من الحي من حقيقة أن هذه العائلات استقرت في الحي عام 1956، بعد طردهم مما يُعرف الآن دوليًا باسم “إسرائيل”، وتم بناء المنازل التي يعيشون فيها بمساعدة وكالة الأمم المتحدة لتشغيل اللاجئين (الأونروا) بينما كانت القدس الشرقية تحت سيطرة الأردن، لذا فإن مناقشة هذا المصطلح “نزاع الملكية ” يجب الوقوف عنده والتدقيق به لأنه مسألة قانونية، وليس جملة عابرة .
4- “متطرف” و”إرهابي”..
غالباً ما يتم استخدام مصطلحي “إرهابي” و”متطرف” عند الحديث عن الفلسطينيين، تشير وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل حصري تقريباً إلى أعمال العنف المزعومة من جانب الفلسطينيين على أنها ناجمة عن “إرهابيين”.
على الرغم من أن المصطلح “إرهابي” مثير للجدل في الصحافة فلطالما تجنبت وكالات مثل رويترز استخدامه، قائلة إنه ينتهك “نهج القيمة المحايدة” الذي تتبعه وكالة الأنباء، في السياق المحدد للأحداث في القدس، تطبيع الرواية التي تطرحها أجهزة الأمن الإسرائيلية بالنسبة لمعظم العالم، الإرهابي هو الشخص الذي ينخرط في أعمال عنف عشوائية ضد المدنيين، أعمال تنظيم (داعش) والقاعدة بارزة بشكل خاص في المخيلة الشعبية، فهل يمكن تشبيه من يرمي بالحجارة، كالمتعطشين للدماء والمجازر التي ارتكبوها في العراق وسورية وأماكن أخرى..
5- الصهيونية..
أعرب العديد من المعلقين اليهود بانتظام عن عدم ارتياحهم لاستخدام مصطلح “الصهيونية” عند ارتباطها بالأفعال الإسرائيلية، فخلال القرن الماضي استخدمت الجماعات اليمينية المتطرفة المعادية للسامية مصطلح الصهيونية كجزء من نظريات المؤامرة المعادية لليهود، وقد افترض هؤلاء أن الصهيونية ليست مجرد حركة سياسية لاستعمار فلسطين التاريخية، ولكنها أيضاً جزء من خطة أوسع للسيطرة على العالم، وتشير أسطورة النازيين الجدد الشهيرة إلى “حكومة الاحتلال الصهيوني” أو ZOG ، وهو مصطلح يستخدم لوصف عصابة يهودية سرية يُزعم أنها تدير معظم الحكومات الغربية، ويوضح محرك بحث Google السريع لمصطلح “معاد للصهيونية” المشكلة: تشمل النتائج موقع الشبكة اليهودية المناهضة للصهيونية، وهي مجموعة من اليهود اليساريين المؤيدين للفلسطينيين، على الرغم من أن النتائج تشمل أيضاً مناهضة الصهيونية الرابطة، وهي منظمة نازية جديدة. وقد أدى ذلك إلى شعور الكثيرين بعدم الارتياح من استخدام مصطلح “صهيوني”، لاسيما في سياق يتحول إلى إقليم يعني السيطرة على الحكومات الأجنبية أو السيطرة على وسائل الإعلام أو التمويل أو الولاء المزدوج.
6- الإسلام..
لا ينبغي أن تحجب حقيقة أن الأحداث التي وقعت في القدس خلال شهر رمضان وشارك فيها المصلون في المسجد الأقصى حقيقة أن الصراع ليس دينياً فقط، بل إن مكانة القدس الشرقية والأقصى المحملة بالأهمية الدينية لها أيضاً صدى وطني هائل للفلسطينيين من جميع الأديان والأيديولوجيات السياسية، بعض وسائل الإعلام، وكذلك الأجانب المؤيدون والمعارضون للقضية الفلسطينية، حاولت تأطير الوضع في القدس على أنه صراع بين الإسلام واليهودية، لكن هذا غير دقيق في الأساس.
7- عروبة..
منذ القرن التاسع عشر ناقش المنظرون وقادة المجتمع والسياسيون والناشطون العلاقة بين الهوية الفلسطينية والهوية العربية وفي ذروة الحركة القومية العربية من عام 1950 إلى 1970، دعم كل القادة السياسيين حركات النضال في فلسطين ضد “إسرائيل” كجزء من النضال الأوسع للوحدة العربية والاستقلال.
ومع ذلك، في العقود الأخيرة مع انحسار القومية العربية، أخذت حملة التحرير الفلسطينية في حد ذاتها مكانة بارزة في المنطقة، وبدأ التوجيه إلى أن القضية الفلسطينية تخص الفلسطينيين وحدهم دون العرب ومحاولة إزالة كلمة العربية من الهوية الفلسطينية، لأن استخدام مصطلح “عربي” لوصف الفلسطينيين يحمل دلالات (تشير إلى الهوية والانتماء والأرض)، وهذا ما تعمل على إزالته “إسرائيل” ووسائل إعلامها.
بقلم: أليكس ماكدونالد
المصدر:
Middle East Eye