مع تسليمنا بحقيقة أن كل المواقف والإجراءات الأميركية بشأن الجولان السوري المحتل، لن تغير شيئاً من حقيقة أنه أرض سورية محتلة، ستعود إلى حضن الوطن، شاءت حكومة الاحتلال أم أبت، إلا أن تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة تعطي تأكيداً إضافياً على أن كل الأحداث التي تشهدها المنطقة منذ سنوات طويلة، وفي صدارتها الحرب الإرهابية المتواصلة على سورية تهدف لتكريس الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية في سورية وفلسطين ولبنان، والعمل لاحقاً على إضفاء الشرعية الدولية على الوجود غير الشرعي لهذا الكيان، وفق أجندة مرسومة، تعمل الولايات المتحدة على تنفيذ خطواتها.
بلينكن أعلن بشكل واضح أمام جلسة استماع افتراضية للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي انحياز إدارة بايدن الكامل لحكومة العدو لجهة استمرار احتلالها للجولان بذريعة حماية أمن كيانها الغاصب على حد زعمه، وهذا ابتزاز واضح لسورية، لمساومتها بأرضها من أجل تقديم تنازلات بإطار “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية، وهو يأتي بعد الهزيمة الواضحة للمشروع الصهيو- أميركي باستهداف سورية عبر الإرهاب، ولا شك أنه يأتي استجابة لما تضمنه التقرير النصفي “لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” التابع لما يسمى لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية “إيباك” والصادر غداة إنجاز السوريين لاستحقاقهم الرئاسي، وهذا التقرير حذر إدارة بايدن من تداعيات نتائج هذا النصر السوري الذي ثبت قواعد جديدة في المنطقة، وسيكون لها تأثير واضح على مستقبل الكيان الإسرائيلي، وهذا يعكس في الواقع حقيقة القلق الأميركي والإسرائيلي من النجاح الباهر الذي حققه السوريون في الانتخابات الرئاسية، من حيث أنه سيعزز مكانة سورية الإقليمية والدولية، ويعطي دعماً إضافياً لمحور المقاومة في المنطقة.
طيلة سنوات الحرب الإرهابية كان الدور الصهيوني حاضراً بقوة في كل مراحلها، وحكومة العدو الإسرائيلي لم تتوقف عن شن اعتداءاتها الغادرة لمؤازرة التنظيمات الإرهابية، وكلها تتم بغطاء أميركي واضح، وآخرها العدوان على بعض الأهداف في المنطقة الوسطى والجنوبية، وإذ كان هذا العدوان يشير إلى هروب الإرهابي نتنياهو نحو التصعيد ضد سورية لمحاولة خلط الأوراق داخل الأحزاب اليمينية الصهيونية على خلفية الانقسامات والخلافات العميقة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، ومنعاً للزج به في السجن بسبب فساده، فإن لتوقيته عقب تصريحات بلينكن مدلولات واضحة بأن ثمة توجه أميركي صهيوني لتكريس واقع ميداني يبقي احتمالات المواجهة مفتوحة على كل خيارات التصعيد كعنوان أميركي للمرحلة القادمة بأن مواصلة العمل على تكريس المشروع الصهيوني الاحتلالي هو على رأس قائمة أولويات الإدارة الأميركية.
إدارة بايدن سبق لها وأن أكدت أكثر من مرة التزامها الكامل بمواصلة دعم الكيان الصهيوني، ولكن في المقابل فإن هذا الدعم مهما بلغ حجمه لن يغير حقائق التاريخ بأن الجولان المحتل أرض عربية سورية سيعود عاجلاً وليس آجلاً، فحق سورية باسترجاعه أبدي لن يخضع للمساومة أو التنازل، ولا يسقط بالتقادم.. فلتسمع أميركا وتعي هذه الحقيقة.
كلمة الموقع -ناصر منذر