كثيرة هي الأحداث التي يضج بها مشهد الأزمة في سورية، إلا أن ثمة حدثين بارزين شكلا فارقاً في أحداث الأيام الأخيرة، الأول لجهة الحراك المحموم الذي تشهده الأروقة السياسية والدبلوماسية الأميركية تحت عنوان عريض وهو ” المساعدات الإنسانية ” إلى سورية وفتح المعابر، حتى بات سلكها الدبلوماسي يتأبط ذاك الملف في كل جلسة محلية أو دولية، طبعا “مساعدات إنسانية” لتلك المناطق التي تسيطر عليها مجموعات إرهابية “كالنصرة” في إدلب، او انفصالية كميليشيات ” قسد” في شرق سورية.
في بداية الشهر الحالي وقفت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة متباكية على مشارف معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه التنظيمات الإرهابية، زاعمة أن إغلاق معبر حدودي تمر عبره “مساعدات إنسانية” إلى سورية يمكن أن يتسبب في “قسوة لا معنى لها” لملايين السوريين، طبعاً تقصد بالسوريين أولئك المسلحين لدى ” النصرة وحراس الدين وأحرار الشام و..و” من التنظيمات الإرهابية، المسؤولة الأميركية شاهدت معبراً مغلقاً يخدم الإرهاب، ولم تر إغلاق بلادها لجميع الأبواب والمعابر التي كان يدخل عبرها حليب الأطفال والأدوية والمواد الغذائية للأطفال وباقي الشعب السوري، من خلال حصار أحادي جائر.
حالة الهستيريا التي تجتاح الإدارة الأميركية حالياً بغية فتح تلك المعابر مع المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية، سببها يقينها المطلق أن تلك المعابر هي شرايين حياة إرهابييها في سورية .
يتوهم الأميركي أنه يستطيع أن يضغط على الجانب الروسي او الحكومة السورية لفتح المعابر على مصراعيها لإدخال السلاح إلى الارهابيين، أو حتى جعل تلك التنظيمات تتحكم برقاب السوريين الأسرى في مناطقهم من باب الغذاء والدواء، وعلى الأميركي الإدراك أن إدخال المساعدات إلى سورية لا يكون إلا عبر بوابة دمشق وبإشراف الحكومة السورية.
الحدث الثاني البارز، أفعال ميليشيات ” قسد” الانفصالية، والتي تشكل في مجملها الوجه الثاني للصهيونية.
في جردة سريعة على مجمل الأخبار الواردة من المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات ” قسد” وتلك الواردة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فان ثمة تطابقاً من حيث تعاطي الميليشيات مع السوريين، وتعاطي جنود الاحتلال الإسرائيلي مع الفلسطينيين، لجهة اقتحام المناطق ومصادرة الأملاك وهدم المنازل تحت ذرائع واهية في كلتا المنطقتين، والمنازل التي هدمتها ” قسد” في محافظة الرقة والمداهمات في ريف دير الزور تحاكي هدم الاحتلال الاسرائيلي لمنازل الفلسطينيين في القدس وجنين ونابلس، وهما وجهان لعملة واحدة وهي الصهيونية.
سياسة “قسد” المبنية على ايديولوجيا عنصرية صهيونية ضد المكون العربي ليس إلا من باب مخطط أميركي لإفراغ المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات من سكانها لسرقة أملاكهم وصولاً الى تحقيق وهمها الانفصالي، دون أن تعي تلك الميليشيات أن الأوهام تبقى أوهاماً ، وأن العمالة للمحتل لا تبني أوطاناً، وأن خطواتها الانفصالية تلك، إضافة إلى مساعي سيدها المحتل الأميركي لتفتيت سورية ليست سوى خطوات متهالكة في مشروعهما المهزوم.
حدث وتعليق -منذر عيد
Moon.eid70@gmail.com