كما الأفلام الهوليوودية في تصوير النجاح “الفقاعة”، وكما أرسين لوبين في استعراضاته بعد حل أبسط القضايا وأكثرها سطحية، نام الجمهور الباحث عن رغيف الخبز وليتر الزيت وبينهما كيلو السكر والرز، نام معتقداً أن الكون كله طيب، واستيقظ متفاجئاً بأن أحد الصناعيين قد تهرب من الضريبة..
مئات المرات كتبت الصحافة، عن التهرب الضريبي الحاصل في مجتمع الأعمال بين صناعي وتاجر ورجال أعمال وسواها من التصنيفات، التي لا تفرق إحداها عن أخرى إلا بصفر يميني إضافي للأرقام السابقة!!
ما الغريب في أن صناعي يتهرب من الضريبة؟ وما الجديد في ذلك؟
لعل أي مواطن عادي في الشارع قد خطر بباله السؤال الجوهري الأبرز: ما الذي أوصل هذا الصناعي إلى هذه المرحلة؟
عشرات المرات كتبنا عن “ابتلاع” التجار والصناعيين لضرائب بمليارات الليرات بل عشرات المليارات، وحضورهم بأبهى حلة وأفخم مظاهر للتفاوض على سدادهم من عدمه، في حين أن مواطناً فقيراً يتأخر أو يتلكّأ في سداد ضريبة تكون عاقبته أسوأ مباشرة ودون تلكؤ..!!
المشكلة أن المالية روّجت للأمر على أنه إنجاز، في حين أنه دليل على تراخي وكسل دوائرها المالية، فأن يصل حجم أعمال صناعي إلى المليارات ولا تنظر المالية في الأمر إلا بعد سجال، فذلك أمر تضيع الخزينة في دهاليز تفسيره..
كلنا يعلم أن محدود الدخل هو الأكثر التزاماً بسداد الضريبة لكونها تُقتطع من النبع قبل تحويل راتبه له، في حين أن حيتان المال يتملصون من شباك الضريبة بمهارة لا يعرفها ولا يقدر عليها إلا من كان أدرى بشعاب تلك الشباك، الأمر الذي يجعل من الواجب التدقيق في الملفات الضريبية مجدداً..
وما المانع أن يكون للضرائب لجنة مستقلّة تدقق، كما كانت اللجان التي دققت القروض في المصارف؟؟
الكنز -مازن جلال خيربك