أثار قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حول قوننة صناعة وتجارة الألبان زوبعة عريضة من الانتقادات ابتعد جزء منها عن صلب الموضوع الذي أساسه تفعيل معايير الفرق بين الأجبان النقية وأشباه هذه المواد التي تدخل في تركيباتها زيوت ومواد أخرى.
قبل الدخول في تحليل وفهم أسباب استغراب المستهلكين الواسع من إصدار هذا القرار لا يمكن تجاهل حقيقة قيام جهات إعلامية وسياسية بتوظيف الانتقادات لغايات لا صلة لها إطلاقاً بمصالح الناس، وأكبر دليل على ذلك تناول وسائل إعلام دولية لهذا الأمر وتوظيفه في حملاتها الإعلامية الهادفة إلى الإساءة لأداء الحكومة والدولة بشكل عام.
تطرح العديد من الأسئلة في معرض الخوض في تحليل حيثيات إصدار القرار وتوقيته والانتقادات الشعبية عليه وصلته بالمرسوم التشريعي رقم (8) لعام 2021 المتضمن قانون حماية المستهلك الجديد وصولاً إلى إلغائه بصمت ودون تبرير؟
من حيث المبدأ أن تقوم وزارة التجارة الداخلية بتصويب عملها أو التجارة في الأسواق من حيث النوعية والأسعار والمواصفات فهذا أمر يحسب لها وليس عليها والعديد من المعنيين في الوزارة أكدوا أن القرار في جوهره يصب في مصلحة المستهلكين الذين كانوا يبتاعون مادة أشباه الألبان والأجبان من الأسواق بسعر المادة النقية وكذلك الأمر يضع هذا القرار المصنعين والبائعين أمام مسؤولياتهم في إعلام المستهلك بمواصفات هذه المواد وتسعيرها وبالتالي إلغاء الغش الذي كان سائداً.
يقول بعض العارفين والمطلعين على عمل الأسواق إن القرار جاءت فكرته من المصنعين لهذه المواد والمتاجرين فيها بعد صدور المرسوم التشريعي رقم (8) لحماية أنفسهم من العقوبات والغرامات الناجمة عن رفع الأسعار وتحديد المواصفات في هذه المادة، وهذا لا يعيب عمل الوزارة بل يعد قصوراً في متابعة السوق من الجهات المعنية.
لقد كان لزاماً على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن تمهد لقرارها هذا إعلامياً وقانونياً وتجارياً بوضع المستهلكين بكامل صورة الواقع والإجراءات التي ستتخذها لمصلحة المستهلك قبل التاجر والمصنع، وغياب هذا التمهيد لعب دوراً مهماً في سوء فهم المواطن للقرار وأهدافه ومسبباته وبالتالي انتقاده ورفضه بشكل واسع.
كذلك الأمر جاء توقيت إصدار القرار غير مناسباً ولو تم إصداره بعد صدور المرسوم وتوضيح حيثياته لما أثار مثل هذه الضجة وخاصة أن هذه المواد يتم بيعها في الأسواق وهي من حيث المواصفات مختلفة عن الأجبان والألبان الطبيعية ولكنها مضمونة من الناحية الصحية مع اختلاف في القيمة الغذائية فقط.
إن كسب ثقة المواطن ودعمه لأي قرار تصدره مؤسسات الدولة مرهون إلى حد كبير بمدى إدراكه لحيثيات ذلك ومدى انعكاسه على تأمين حاجياته وخاصة في هذه الظروف الصعبة وللأسف تفتقد الكثير من مؤسساتنا هذه الميزة الأمر الذي ينعكس سلباً على أدائها العام.
من المعلوم أن إلغاء أي قرار أو تأجيل تطبيقه يعود إلى دراسة المنعكسات وحسنا فعلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عندما وجدت أن قرارها لم يلق الرضى العام وهذا لا يعني على الإطلاق التوقف عن عملية إصلاح وتنظيم الأسواق ومن بينها المواصفات والإسعار وأن يكون كل ذلك متاحاً لمعرفة المستهلكين.
معا على الطريق -احمد ضوا