الثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
(كونترباص باسم) أمسية موسيقية مختلفة بكل المقاييس تشبه الحياة بما فيها من تنوع وتلون وتحدٍ ، عاش الحضور أجواءها مساء أمس في دار الأسد للثقافة والفنون حاملة خصوصيتها وتفردها، أحياها الموسيقي باسم الجابر عازفاً على آلة الكونترباص بمشاركة: طارق سكيكر (بيانو) ، وسام الشاعر (أوكورديون) ، طارق حاتم (فلوت) ، ميشيل خياط (درامز) ، عمران أبو يحيى (إيقاع) ، بتول نبيعه (غناء).
سحر الموسيقا التي تأخذك إلى عوالمها الحالمة هو العنوان الأبرز للأمسية التي عرّفت الجمهور على جزء مما تمتلكه آلة الكونترباص من ميزات وآلية العزف عليها بتقنيات متعددة تُبهر المستمع، كاشفة عن قدرة العازف على مدى التنويع واللعب الذي يمكن تحقيقه، ليبدو وهو يعزف عليها بشغف وحب وكأنه قبطان يدير دفة سفينته بمهارة عالية، لا بل يقدم عرضاً شيقاً فيه الكثير من المتعة، كان يلاعب الأوتار وكأنه يعزف على أوتار شغاف الروح، جاء عزف باسم الجابر متعشقاً بآلة خَبِر أسرارها فحلّق بما قدم من مقطوعات موسيقية جال فيها بين الموسيقا الشرقية والتراث والجاز والموسيقا المعاصرة وعوالم أخرى متعددة، واللافت أن مقطوعتي البداية والنهاية كانتا للمؤلف الموسيقي (رينو غارسيا فونز)، فبدأ بمقطوعة (بارم بيس) التي احتاجت إلى تقنيات في العزف مقدماً فيها توزيعاً مختلفاً، أما النهاية فكانت مع (كونترباص شرقي) وعزف بينهما مجموعة متنوعة من المقطوعات، ضمت: مقطوعة (البادية) وهي من تأليفه، موزاييك (صولو كونتر باص)، وجهة نظر ثانية (ناريك عباجيان)، أنت عمري (محمد عبد الوهاب)، وأغنيتان من التراث الأولى من التراث الفلسطيني (يما مويل الهوى) والثانية من التراث السوري (ميلي ما مال الهوى).
الأرضية اللحنية الأساسية حملها الكونترباص ولكن تم الاستعانة بآلات أخرى لدعم العمل الموسيقي فبرزت كل آلة في مكانها، وفي المجموع كان هناك هارموني حتى في الإحساس الذي أضافه العازفون فبثوا الروح فيما يقدمون لتصل موسيقاهم إلى المستمع بكل ما فيها من ألق ودفء. وعبر وقفة سريعة مع الموسيقي باسم الجابر أكد أهمية أن يُبدع الموسيقي كل مرة الجديد في المقطوعة التي يعزفها وألا يقدمها كما هي، مشيراً إلى تأثره في البدايات بالعازف رينو غارسيا فونز، موضحاً أنه قدم المقطوعة الأولى (بارم بيس) بروح جديدة وتوزيع مختلف بما يتناسب مع طبيعة الفرقة العازفة. أما حول طبيعة التوزيع الجديد المُقدم في الأغنيتين التراثيتين فيقول: قدمت قطعتين من التراث بطريقة تحمل بصمة مختلفة، وقد حافظت على اللحن ولكن أدخلت إيقاعات مركبة، فما يحدث عادة أن المقاطع الموسيقية تُعاد نفسها إلا أنني أجريت تغييراً في كل مقطع ووضعت فيه نفساً جديداً. وعندما أقدم أي حركة لحنية أو إيقاعية أفعل ذلك بما يتناسب مع كلام الأغنية). وعن التقنيات التي قدمها عبر آلة الكونترباص وعلاقته معها يشير إلى أن هذه الآلة لا يتم الاهتمام بها في الوطن العربي ولكنه اكتشف من خلال عزفه عليها لساعات طويلة أن فيها أبعاداً كبيرة، مؤكداً أن هذا الأمر هو مشروعه منذ زمن، يقول: آلة الكونترباص يمكن أن تعزف عليها إيقاعاً ، وقد لعبت عليها بالقوس وكأنها كمان أو تشيلو، ولعبت عليها كأنها عود وحتى في طريقة ضرب الوتر تشعر وكأنها غيتار، فالآلة مساحاتها واسعة جداً، وأحببت تقديمها للناس ليروا مدى الإمكانيات التي فيها.