الثورة أون لاين – هناء الدويري:
بين الفعل وردّ الفعل يبقى الإنسان أسير ثقافته وبيئته وكنوز معارفه التي تُحدث فروقاً مجتمعية وإنسانية، إمّا أن تكون هدّامة، وإمّا أن تكون خلّاقة تأخذ طريقها في البناء وإعمار الكون، فكيف بمبدعين ردّ فعلهم يوازي تفوّقهم الإنساني ولايزول بزوالهم لأنّ بصمتهم في عالم الحرف والكلِم تتوجّس الحبّ والعطاء اللامحدود…
مبدعون في عالم الصحافة والأدب التقتهم صحيفة الثورة وسألناهم أين يجدون أنفسهم بين الإبداعين…؟؟!!
* حسن م يوسف: أمارس فعاليتي…
الكاتب والإعلامي المبدع حسن م يوسف في دورة الزمن المطلق الذي لايأتي ولايروح ينشغل بالإنسان وهمومه ومشكلاته، ويمتّع القارئ والمشاهد والمتلقي بلغة أقرب ماتكون إلى قلبه ووجدان،ه ويتحدّث بلسان حال الناس ليرتّب فوضى مابقي منهم، ويعلن الانتصار على الفقر والمأساة والمعاناة بفكرٍ حياتيٍّ ثقافيٍّ لايعرف الوقوف عند حدٍّ من حدود المعرفة…
– بين الصحافة والأدب أين تجد نفسك؟؟
● يقول المبدع حسن م يوسف :
بدأت رحلتي مع الحروف في مطلع سبعينات القرن الماضي من خلال القصة القصيرة إذ فزت بالجائزة الأولى في ثلاث مسابقات جرت في دمشق، إلا أنني اكتشفت أن القصة القصيرة والأدب بشكل عام لايطعم خبزاً ولهذا كان لابد لي أن أجد عملاً يؤمّن لي دخلاً ثابتاً فعملت في الصحافة الثقافية ككاتب رأي وزاوية ساخرة…
عموما أنا شخصياً سبق أن قلت القصة القصيرة هي ملكتي المُدلّلة لكنني لاأجد نفسي فيها فقط، فأنا أجد نفسي في كل عمل أقوم به، عندما أجلس لكتابة عمود صحفي أكون صحفياً، أكتب العمود الصحفي كصحفي، وعندما أجلس لكتابة قصة قصيرة أكون أديباً وأكتب القصة القصيرة كأديب، وعندما أجلس لكتابة السيناريو التلفزيوني او السينمائي أحترم خصوصية الأداة التي أودّ استخدامها و أودّ أن أوصل آرائي من خلالها، إذاً أنا كنت في كلّ شيء نفس الشخص، ولكنني في كل أداة كنت أحترم خصوصية “تلك أداة التواصل” ففي الصحافة صحفي وفي الأدب أديب، وعلى الشاشة كاتب سيناريو، أنا نفس الشخص ولكنني أمارس فعاليتي بطرق مختلفة تحترم خصوصية كل وسيلة اتصال…
* انتصار سليمان: تكاملٌ إبداعي بين الصحافة والأدب…
الشاعرة والأديبة والإعلامية انتصار سليمان دلالات اللغة لديها المشحونة بالمدهش والمثير وقلب السائد والمألوف عندما تتحدث بلسان الأنثى وعن الإنسانية بشكل عام، هي ذات الإعلامية التي كتبت وأعدّت وقدّمت برامج إذاعية وتلفزيونية تُعنى بالشأن الثقافي وبين الصحافة والأدب أين تجد نفسها أربكها السؤال عندما طرحته عليها على حدّ تعبيرها فكثيرا ماسألته لنفسها، لكنّ ملكة الأدب أظهرت نفسها عندما قالت أنا شاعرة وروائية قبل أن أكون إعلامية، وتجد بالمحصلة بعد تجربتها الطويلة أن الإبداع لا ينفصل عن الإعلام، وللإعلام دور كبير في تسليط الضوء على العملية الإبداعية، وهذه العملية المتكاملة بين الإعلام والإبداع كان لها دور كبير في تعزيز مسيرتها وتجربتها الشعرية والنقدية، من خلال معرفتها بالأوساط الثقافية وعضويتها في اتحاد الكتاب العرب إضافة للأسفار التي قامت بها.
ومن جهة إن كان العمل الإعلامي يؤثر على الإبداع قالت: نعم يؤثّر فهو سلاح ذو حدّين، من جهة يؤثّر إيجاباً عندما يعزّز الذائقة النقدية عندي من خلال اطلاعي على أهم الإبداعات الجديدة واستضافة مختلف المبدعين في برامجي مثل برنامج “قرأت لك” الذي استمر لأكثر من عشر سنوات، وبرنامج “شمس وطلال” البرنامج التوثيقي الذي استضفت فيه أهم الكتّاب العرب الذين وقفوا مع سورية وقفة مشرّفة، وفي برنامج “عنا الحكي أحلى” المتخصص بالمبدعين السوريين، إضافة لبرامج ثقافية متنوعة في مجملها تُعنى بالشأن الثقافي وأهم الإصدارات.
وفي المجمل كنت أقوم بواجبي الإعلامي تجاه العملية الإبداعية في مختلف ألوانها وأشكالها، وهذا الدور الأساسي للإعلام، تسليط الضوء على المنتج الفكري وتقديمه للقارئ أو المتلقي بشكل يليق بالكاتب المبدع كما يليق بالفكر الإنساني المُقدّم.
أما الجانب السلبي والذي أثرّ عليّ يكمن في ابتعاد الكثيرين من النقّاد عن الإعلاميين مخافة اتهامهم بأنهم مرائين، وبالتالي ظُلمت أعمالي من ناحية النقد، علماً أن البدايات وقبل عملي في الإعلام كتب العديد منهم عن تجربتي الشعرية والروائية..
تجربتي في الإعلام وفي لقاءاتي مع المبدعين جعلتني أكتشف أن للطفولة تأثيرها البالغ في شخصية المبدع كما الزمان والمكان والقراءات المتعددة، وكلها حجارة بناء فكري وثقافي لأيّ مبدع، ولكلّ مبدع خصوصية في طريقة طرحه لأيّ موضوع رغم تشابه المواضيع المطروحة
العمل الصحفي أثّر على تجربتي الإبداعية، ولا يمكنني أن أميّز إن كان سلباً أم لا بسبب العمل المتراكم لأنني لاأجد وقتاً للكتابة الإبداعية، نشرت ستّ مجموعات شعرية ورواية، وفقدت أربع مخطوطات لرواياتي بسبب تدمير منزلي من قبل الإرهابيين، ولابدّ من غسل مرحلة السنوات العشر من الإرهاب و الحرب على سورية عبر القول الفاعل والفكر المنفتح، وتعزيز القيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية عبر فنون الأدب.. لأنه رسالة وصوت الناس، وكمبدعين علينا أن نقدّم الأفضل.
* بيرقدار: الشّعر هاجسي والصحافة أداة الأفكار…
بين الصحافة والأدب يقول الكاتب والشاعر قحطان بيرقدار: بدأت مسيرتي بفن الأدب تحديداً الشعر، بالتالي هو المحور الأساسي بتجربتي وحياتي، وهذا الكلام منذ زمن طويل وبعد معرفتي بأشخاص يعملون بالصحافة عبر أكثر من منحى اشتغلت بمجلة أسامة و لاأزال فيها رئيساً لتحرير المجلة، وفي هذا العمل نحن أمام نوع من الصحافة هو الصحافة الموجهه للأطفال، وثقافة الطفل، وهذا أمر مهم جداً حيث إنها تثير اهتمام الباحثين والدارسين بهذا المجال مجال الإعلام والصحافة نظراً لكونها تلامس أهم شريحة بالمجتمع هي شريحة الأطفال… هناك علاقة أساسية مابين الصحافة بشكل عام والادب أيضاً، و من ضمن الأجناس الادبية المقالة و تصنف تحت الأجناس الأدبية المقالة التي تكتب بشكل أدبي، هناك مايسمى المقالة الأدبية بالتالي هناك علاقة وثيقة مابين الصحافة من جهة، والأدب من جهه أخرى.. علاقة على أكثر من منحى وعلى اكثر من مستوى نظراً لأن أسلوب العمل تقريباً متشابه من حيث كون المادة واحدة وهي التعامل مع اللغة، فالصحفي يستخدم اللغة كأداة للتعبير، وكذلك الأديب يستخدم اللغة كأداة للتعبير، ولكن يختلف هذا الاستخدام بمعني أسلوب اللغة يختلف بين الصحافة والأدب فمن جهة نجد اللغة في الأدب تأخذ هذا الهاجس أو البعد الجمالي و يكون الشغل الشاغل للأديب هو أن يخلق من هذه اللغة تشكيلات جمالية مؤثرة، و هذا هدف أساسي أن يفجر اللغة، وأن يشكل عبرها حالات جمالية بينما في الصحافة ليس هاجساً أن تأخذ اللغة هذا البعد الجمالي، يعني اللغة هي مجرد وسيلة للتعبير، و بالتأكيد الأسلوب يلعب دوراً في طريقة الكتابة بغض النظر عن نوع المجال الذي يكتب فيه الصحفي سواء كانت صحافة سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أو صحافة ثقافية.. أيّا كان النوع الأسلوب مهم جدا ولكن تبقى اللغة لغة، ولانستطيع أن نقول هي لغة أدبية، وإنما نقول عن لغة أنها لغة أدبية عندما يكون لها هذا المنحى الجمالي الفني المؤثر، بالتالي الصحفي ليس عليه بالضرورة أن يخلق من اللغة عوالم جمالية بل عليه أن يستخدمها كأداة تعبير مؤثرة بشكل أو بآخر لكي يوصل الأفكار التي يريدها.. طبعا أنا كتبت في الصحافة غير مايتعلق بصحافة الطفل، كتبت للكبار في بعض الدوريات والصحف السورية وغير السورية، كتبت مقالات تتعلق بأدب الأطفال تتعلق بالشعر تتعلق بالقصة الأدب بشكل عام عن هواجس ثقافية متنوعة فكانت المقالات التي أكتبها هي أقرب إلى المقالات الادبية بشكل أو بآخر، و لست غزيراً في ذلك، ولكن لي إسهامات في عدد من الدوريات والمجلات والصحف، ولكن أجد نفسي أولاً وأخيراً بالتأكيد في مجال الأدب، فهو الحقل الذي أحب أن أكون متواجداً فيه وتحديداً الشعر هو هاجسي في الحياة والمحور الأساسي في حياتي، واتوجّس به بكليتي، وأتمنى أن أتفرّغ له قدر الإمكان لأن الشعر والأدب يحتاج إلى تفرغ بشكل أو بآخر حتى يستطيع الأديب أن يترك بصمة.